للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعنت والإعنات: الإرهاق والضيق من أمر لا تتسع النفس لاحتماله، ولا تقدر العزيمة على الإمساك به.

فمن خشى من الرجال غير المحصنين، الذين لا يجدون فى أيديهم من المال ما ينالون به التزوج من الحرائر- من خشى منهم العنت وعدم احتمال التعفف، فإنه لا بأس من أن يتزوج من الإماء، بعد رضا مالكهن، وإيتاء المهر المطلوب لهن، مع مراقبتهن والعمل على صيانتهن من التبذل والاتصال بأخدانهنّ، حتى لا تشيع الفاحشة فى المجتمع.

وفى قوله تعالى: «وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ» دعوة إلى الصبر واحتمال بعض العنت فى العزوبية، وترجيح جانب الإمساك عن التزوج بالإماء، على التزوج بهنّ، لما يثرن فى الحياة الزوجية، التي ينبغى أن تظللها العفة، ويحرسها التصون والشرف- من غبار الريبة، ودخان التبذل، وريح الفاحشة! وفى قوله تعالى: «وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» إماءة من طرف خفى إلى تجنب التزوج بالإماء، والصبر على العزوبية، وإن لقى منها صاحبها العنت فى الحفاظ على دينه ومروءته، وإن جرّه ذلك الموقف إلى أن يلمّ ببعض اللمم، بحيث لا يدنو من الفاحشة، ولا يحوّم حولها.. فإن لم يأمن ذلك فالزواج بالإماء خير، إذ يدفع شرّا بما هو أهون منه شرا.. والله سبحانه وتعالى يقول:

«لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ» (٣١- ٣٢: النجم) ذلك، والقرآن الكريم إنما يخاطب هنا إنسانا مؤمنا، حريصا على دينه، متحرّيا النصح لنفسه، فى الحفاظ عليها مما يغضب ربه، ويفسد عليه دينه.. وليس الخطاب لإنسان يمكر بآيات الله، ويريد أن يتخذ من رحمة الله ولطفه بعباده،

<<  <  ج: ص:  >  >>