وفى هذا التعقيب رحمة واسعة من رحمات الله بالناس، وفضل كبير من أفضاله على عباده.. ففى النّاس ضعف يعلمه الله الذي خلقهم، وقليل منهم أولئك الذين يستقيم خطوهم على طريق الله استقامة كاملة، لا يضطرب فيها خطوه، أو تزل فيها قدمه! ولو يأخذ الله النّاس على كلّ انحرافة ينحرفونها، أو زلة يزلّونها لما نجا منهم أحد، ولا دخل عند الله مداخل الإحسان والرضوان.. إنسان.
وقد جاء هذا التعقيب الكريم، من ربّ كريم، ليفتح لعباده أبواب إحسانه ورضوانه، فيدخلوا فى سعة من رحمته ورضوانه، إذا هم اجتنبوا الكبائر، وعصموا أنفسهم منها، وخافوا الله فيها..
والكبائر أولها الكفر بالله، والشرك به.
ثم يتبع ذلك أعمال الجوارح، كالقتل، والزنا، وشرب الخمر.
فإذا تجنب العبد هذه الكبائر، ثم كانت منه زلة أو سقطة فيما وراءها، كانت رحمة الله قريبة منه، تمحو ما ارتكب من صغائر، بما اجتنب من كبائر! وهذا ما يشير إليه قوله تعالى بعد ذلك:«نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً» .. وهذا ما أشار إليه سبحانه فى قوله:
«الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ»(٣٢: النجم) فما أوسع رحمة الله وما أعظم فضله.