والسلامة، لا تزيدهم الصلاة إلا إيمانا على إيمان، وهدى إلى هدى.. أما المسيئون.. فهم مرضى.. أصحاب آفات وعلل، ومرتكبو فواحش وآثام..
فهم أشد الناس حاجة إلى الدواء الذي يذهب بدائهم هذا، ويطهرهم من الآثام التي أحاطت بهم.. وليس غير الصلاة، مطهرة للآثام، مغفرة للذنوب، مدعاة إلى الاستقامة والتقوى:«إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» .
إن الآية الناسخة إذن لا تنهى المسلم العاصي عن إتيان الصلاة، إذا كان مبتلى بشرب الخمر..
ولكن كيف يؤدّى الصلاة وهو معاقر الخمر، مصاب بخمارها لا يدرى ما يقول؟
هنا يأتى قوله تعالى:«لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ» وهنا تعطى الآية حكمها فى هذه الحال.. وبهذا تكون عاملة غير منسوخة، فإن القول بنسخها- حكما لا تلاوة- يدعو إلى القول بأن شارب الخمر لا يصلى أبدا، سواء أكان يدرى ما يقول، أم لا يدرى.. وهذا مالا يقول به أحد! ونسأل:
ما داعية القول بنسخ هذه الآية؟ وما الحكمة فى ضرب بعض القرآن ببعض؟ خاصة إذا كانت الآية تعطى حكما مطلوبا، لا نجده فى الآية التي يقال إنها ناسخة لها؟
إذن فإن ذلك القول بالنسخ هنا لا مفهوم له أبدا.. بل إنه ليبدو لنا أشبه بالقتل العمد لنفس حرم الله قتلها!! فالمسلم.. الذي يتأثّم بشرب الخمر.. منهى عن إتيان الصلاة حتى يفيق إفاقة تامة من السكر، ليعلم ما يقول، ولينتفع بهذا الموقف الذي يقفه بين يدى الله.