وقوله تعالى:«أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ» هو نذير بالعقوبة الثانية، بعد النذير بالعقوبة الأولى.
وما أصاب أصحاب السبت معروف لهم! فماذا ينتظرون بعد هذا؟
أيظنون أن الله مخلف وعيده لهم.. لأنهم- كما زعموا- أبناء الله وأحباؤه؟ وكيف وقد وقع هذا العقاب بآبائهم، وأخذهم الله به؟
أم يظنون أن الله إذا أراد أمرا بهم، وساق شرا إليهم- أهناك من يدفع ما أراده الله بهم؟
فلينتظروا، وسوف يرون ما الله فاعل بهم.. «وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا» وفى قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ» .
- ما يسأل عنه.. وهو: هل أهل الكتاب هؤلاء مشركون، حتى تجىء هذه الآية فى سياق الحديث عنهم، وفضح نفاقهم؟
إنهم- كما وصفهم، القرآن فى كثير من آياته- كافرون، ومنافقون، ومؤمنون.. يجمعون بين الإيمان والكفر..
أما الشرك فهو الصفة الغالبة التي أطلقها القرآن على كفار قريش، الذين لم ينكروا وجود الله، ولكنهم عبدوا أصناما لهم من دون الله، وقالوا:
«ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى»(٣: الزمر) ومع هذا، فإن بين الكافرين من أهل الكتاب، والمشركين من العرب صلة جامعة، هى الخروج عن سواء السبيل، والتنكّب عن طريق الحق! وإذ جرى ذكر الكافرين المنافقين من أهل الكتاب، وما توعدهم