للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء الذين يعبدون الأوثان من دون الله، هم عابدون للشيطان أيضا..

فما هذه الصور المعبودة إلّا بنات وسوساته فى صدورهم، ونفثاته فى تفكيرهم..

وقوله تعالى: «لَعَنَهُ اللَّهُ» صفة لهذا الشيطان المريد، الذي اتخذه هؤلاء المشركون وليا من دون الله.. وفى هذا ضلال إلى ضلال، وسفه إلى سفه..

إذ أنهم أعطوا ولاءهم لمن كان عدوّا لله، واقعا تحت لعنته.. فهم- والأمر كذلك- أعداء لله، واقعون تحت لعنته.

وقوله سبحانه: «وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» عرض فاضح لهذا الشيطان المتمرد على الله، المأخوذ بلعنة الله.

وفى عطف قوله تعالى: «وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» على قوله سبحانه: «لَعَنَهُ اللَّهُ» ما يشير إلى أن هذا القول الآثم من هذا الشيطان المريد هو لعنة أخرى من لعنات الله عليه، لما فيه من تحدّ لله، ومحاربة له فى عباده! وفى قوله تعالى: «مِنْ عِبادِكَ» إشارة أخرى إلى تمرد هذا الشيطان المريد، وإمعانه فى محادّة الله ومحاربته.. إذ كيف تسوّل له نفسه أن يدخل حمى الله، وأن يفسد عباد الله، الذين خلقهم بيده، وأضافهم إلى ذاته؟

ومن جهة أخرى، فإن هؤلاء الذين خلقهم الله بيده، وأضافهم إلى ذاته، هم الذين كانوا حربا على الله فى جبهة الشيطان، فتفلتوا من هذا الحمى الكريم، الذي أقامهم الله فيه.. ومدوا أيديهم إلى هذا الشيطان المريد، وأعطوه الفرصة فيهم، ليفسد عليهم هذه الفطرة السليمة التي أودعها الله كيانهم، وليضلّ عقولهم عن هذا الطريق الذي أراه الله لهم، غير ملتفتين إلى تلك الوصاة التي وصّاهم الله بها، فى شأن هذا العدوّ الراصد لهم، والمتربص بهم، حيث كان قول الله لهم: «إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>