ووصف النصيب بأنه نصيب مفروض يكشف عن أنه قدر محدّد، أي أن أولياء الشيطان هؤلاء، هم فريق محصور بعدده وصفته، لا يزيد ولا ينقص، كما أن أولياء الله، هم فريق آخر مقابل لهذا الفريق، معروف بعدده وصفته..
ومجموع الفريقين هم الناس جميعا.. الشقىّ منهم والسعيد، وأصحاب النار وأصحاب الجنة.. أولياء الشيطان، وأولياء الرحمن! وقوله تعالى:«وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ» هو بيان لقولة الشيطان:
«لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً» فهذا النصيب المفروض هم الذين سيتخذهم الشيطان أولياء له، وسيتعاطى معهم كئوس المودة والصفاء، وهى كئوس تدور برءوس شاربيها، وتفسد عليهم عقولهم، وتحوّلهم دمى فى يد الشيطان، يعبث بها كيف يشاء.. ولهذا كان واثقا من أنه قادر على نفاذ أمره وإمضاء مشيئته فيهم.. ولهذا جاء أمره إليهم جازما مؤكدا:
«ولأضلّنّهم» أي يلقى بهم فى مهاوى الضلال، والظلام.. بعيدا عن الهدى والنور! «ولأمنّينّهم» أي يمدّ لهم فى حبال الأمانى والغرور، بما يزيّن لهم من الشرور والآثام.. وبما يخيّل لهم من الأوهام والأباطيل.. فيرون الشر خيرا، والقبيح حسنا، والبعيد قريبا.
«وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ» وذلك شىء من السّخف والضلال، الذي زينه لهم الشيطان وأغواهم به، وهو أنهم كانوا إذا ولدت الناقة خمسة بطون، وكان آخرها ذكرا احتفوا بها وأكرموها، وكان مظهر ذلك أن يقطعوا أذنيها أو يشقّوهما «فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ» ثم يرسلونها