وفى طبّ الأجسام، أنّ الوقاية خير من العلاج، وهى فى طبّ الأرواح أوجب وألزم.
وقوله تعالى:«وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ» - هو تنبيه للمسلمين من داء النفاق أن ينفذ إليهم إذا هم جلسوا مجلسا مع أعداء الله من المنافقين الكافرين، ثم ذكرت فى هذا المجلس آيات الله على لسان هؤلاء المنافقين الكافرين، فى معرض الاستهزاء والسخرية، ثم لم يكن من المسلمين إنكار لهذا المنكر ودفع له باليد أو اللسان- وذلك بأن يكونوا فى حال ضعف لا يقدرون معه على مواجهة هؤلاء المجتمعين على المنكر.!
والموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن فى تلك الحال هو أن يخلص بنفسه من هذا المجلس الآثم، وألّا يستمع لهذا المنكر الذي يدور فيه.. فإنه إن لم يفعل، وسكت على ما يسمع- وهو مغلوب على أمره- كان صمته هذا- ولو فى ظاهره- دليلا على رضاه، ومظاهرة لأهل المنكر على منكرهم، وليس- والحال كذلك- من شفيع يشفع له بأنه ليس من أهل هذا المجلس، يقتسم معهم الإثم الذي يدور بينهم، ويحمل نصيبه منه..
وفى قوله تعالى:«وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ» إشارة إلى ما نزل قبل هذا من قرآن فى مثل هذا الموقف، وهو قوله تعالى:«وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ»(٦٨: الأنعام) .