عريانا بين الناس.. حيث لا سبيل إلى إمساكه ودفع خطره بعد هذا..
لهذا كان «الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ» هو الداء الذي يخشى خطره، ومن ثمّ كان التنبيه إليه، والتحذير منه.
وثالثا: قوله تعالى: «مِنَ الْقَوْلِ» .
والسؤال هنا: لم كان التحذير موجها إلى خطر السوء.. «مِنَ الْقَوْلِ» دون «السوء من الفعل» ؟ وهل المعالنة بالأفعال السيئة، والجهر بالفواحش أقل خطرا من المعالنة بكلمة السوء والجهر بها؟
والجواب: أن السوء من القول أكثر دورانا على الألسنة، وأخف مئونة على الحياء، وأقل حرجا على الخلق والدين.. هكذا.. يبدو الأمر الواقع..
فالإنسان الذي لا يتحرج من كلمة السوء يقولها، ولا يستحى من كلمة الفحش ينطق بها- هذا الإنسان ما أكثر ما يغلبه حياؤه، وتمنعه مروءته أو دينه من يحوّل كلمة السوء إلى فعل، ويجسد كلمة الفحش إلى عمل.. ثم يجاهر بهذا الفعل، ويعالن بهذا السوء.
ومن هنا كان الحظر الذي فرضه الإسلام على الجهر بكلمة السوء هو حجر ضمنى على فعلة السوء، وسدّ للذرائع إليها..!
ورابعا: قوله تعالى: «إِلَّا مَنْ ظُلِمَ» ..
هو رفع لهذا الحظر المضروب على الجهر بالسوء..
فالمظلوم مقهور مغلوب على أمره، بهذا السلطان المتسلط عليه من ظالمه..
وقد أذن الله للمظلوم أن ينتصف من ظالمه بما يقدر عليه، فى حدود العدل والإحسان.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ»(٤١: الشورى) ..