لليهود، بهذا الفضل الذي فضل الله به على المسيح، بعد كبتهم وخزيهم، بإبطال كيدهم فيه، وإفساد مكرهم به..
لقد أرادوا موته وصلبه.. فلم تنله أيديهم، ونجاه الله منهم، بعد أن أخذهم بهذا الذنب العظيم، الذي عقدوا نيّتهم عليه، وشرعوا فى تنفيذه، بل ونفذوه.. ولكن لا فى المسيح كما قدروا، بل فى شخص آخر شبّه لهم أنه المسيح..
ولقد أرادوا يصلب المسيح أن يوقعوه تحت اللعنة، التي قضت بها شريعة موسى، والتي جاء فيها:«ملعون من علّق على خشبة» .. فما كان يقع تحت هذا الحكم من اليهود إلا من جدّف على الله، وكفر به.. فمن فعل هذا حكم عليه بالصلب، ثم الطرد من ملكوت الله! لقد أراد اليهود هذا بالمسيح، فرفعه الله إليه، وأعلى منزلته عنده، وأحلّه فى مقام كريم، مع المصطفين من عباده.
وقوله تعالى:«وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً» هو تعقيب على تلك الأحكام التي أجراها سبحانه وتعالى، والتي جاءت على غير ما أراد أهل الشر والسوء..
فبعزّته سبحانه أفسد كيد هؤلاء المضلّين المفسدين، وبحكمته وضع الأمور فى مواضعها، فجاءت على أتم صورة وأكملها..
هذا، ولما كانت قضية صلب المسيح.. من القضايا التي أثارت ولا تزال تثير كثيرا من الجدل والخلاف بين المسلمين والنصارى واليهود.. فقد رأينا أن نقف وقفة، ننظر بها نظرا أرحب وأوسع، فى هذه القضية، وفى رأى القرآن فيها، وفى مقولات المسيحيين واليهود عنها..