للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما صاحب سفر الأمثال، وصاحب حكمة سليمان، فلعلهما قد تأثرا بأفكار أفلاطون أو بروح الأرض التي يقول بها الرواقيون- فقد تصوّراه الحكمة مجسّدة، التي هى أول شىء «قناها» الربّ، وهى الكلمة أو العقل!!.

ويكاد مؤلفو سفر الرؤيا كلهم يجمعون على أن المسيح سينتصر انتصارا سريعا، ويتفقون جميعا على أن المسيح سيخضع الكفار آخر الأمر ويحرّر إسرائيل، يتّخذ إسرائيل عاصمة له، يضم إليه الناس جميعا ليؤمنوا بيهوه والشريعة الموسوية.. ويسود بعد ذلك عصر طيب تسعد به الدنيا بأجمعها، فتكون الأرض كلها خصبة، وتحمل كل حبّة قدر ما كانت تحمله ألف مرة، ويصير الخمر موفورا، ويزول الفقر ويصبح الناس أصحّاء متمسكين بالفضيلة، وتسود العدالة والصداقة والسلام فى الأرض!!.

هذا هو بعض جوانب الصورة التي يتصورها اليهود عن المسيح والتي عاشوا الأزمان الطويلة يحلمون بها.. فلما التقوا بالمسيح فى شخص عيسى ابن مريم- كما قلنا- ولم يطلع عليهم بتأويل هذه الأحلام التي طال انتظارهم لها وتطلعهم إليها أنكروا وجه المسيح، وتنكروا له، وأبوا أن يفتحوا أعينهم على هذه الحقيقة، وآثروا أن يظلوا مغمضين أعينهم على تلك الأحلام حتى يجىء «المسيح» الذي يقع على يديه تأويلها على الوجه الذي يتصورون ويتوقعون! من أجل هذا عجّل اليهود بالقضاء على المسيح عيسى بن مريم وإجلائه من بينهم، لأنه ليس «المسيح» الذي ينتظرون، وما زالوا إلى اليوم على انتظار لهذا المسيح.. وقد أشار المعرّى إلى هذا بقوله:

يا آل إسرال.. هل يرجى مسيحكم ... هيهات.. قد ميّز الأشياء من خلبا!

قلنا أتانا ولم يصلب، وقولكم ... ما جاء بعد، وقالت أمة صلبا

<<  <  ج: ص:  >  >>