«وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ»(١٤٦: الأنعام) وقوله تعالى: «فَبِظُلْمٍ» أي بسبب ما كان من الذي هادوا من ظلم..
وقوله تعالى:«وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً» هو سبب آخر لتلك العقوبة التي أخذوا بها، وهى أنهم صدّوا عن سبيل الله وأعرضوا عنها، كما صدّوا غيرهم عن سبيل الله، وأضلوهم عنه.
وقوله تعالى:«وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ» هو بيان لبعض مآثم هؤلاء القوم، التي كانت سببا فى أن سلط الله عليه لعنته وأخذهم بهذا العقاب الأليم..
فقد استحلّوا الرّبا، وقد نهاهم الله عنه.. وقد بلغ من جرأتهم على الله أن حرّفوا التوراة، وأقاموا نصوصها على الوجه الذي يرضون.. فجعلوا الربا محرما إذا كان بين يهودى ويهودى، ومباحا حلالا إذا كان بين يهودى وأممىّ، أي غير يهودى.. وفى هذا تقول التوراة، كما أرادوا لها أن تقول:«لا تقرض أخاك بربا فضة، أو ربا طعام، أو ربا شىء مما يقرض بربا.. للأجنبى تقرض بربا، ولكن لأخيك لا تقرض بربا!!»(تثنية ٣٣: ١٩) .. أفهذا شرع الله بين عباده؟ تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وفى قوله تعالى:«وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا» ما يجعلنا نأنس إلى الرأى الذي رأيناه فى تفسير قوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ