نثبت بالآية استحقاقهم لأصل النصيب، ونستفيد المقادير من سائر الدلائل. وأجيب بأنه تعالى قال: نَصِيباً مَفْرُوضاً وبالإجمال ليس لذوي الأرحام نصيب مقدر. وأيضا الواجب عندهم ما علم ثبوته بدليل مظنون، والمفروض ما علم بدليل قاطع، وتوريث ذوي الأرحام ليس من هذا القبيل بالاتفاق، فعرفنا أنه غير مراد من الآية. وأيضا ليس المراد بالأقربين من له قرابة ما وإن كانت بعيدة وإلا دخل جميع أولاد آدم فيه. فالمراد إذن أقرب الناس إلى الوارث، وما ذاك إلا الوالدين والأولاد. ودخول الوالدين في الأقربين يكون كدخول النوع في الجنس، فلا يلزم تكرار والله تعالى أعلم. قال المفسرون: إنه تعالى لما ذكر في الآية للنساء أسوة بالرجال في أن لهن حظا من الميراث، وعلم أن في الأقارب من يرث وفيهم من لا يرث وربما حضروا القسمة فلا يحسن حرمانهم قال: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى الآية. ثم منهم من قال بوجوبه ومنهم من قال باستحبابه. وعلى الوجوب فعن سعيد بن المسيب والضحاك أنها منسوخة بآية المواريث، وعن أبي موسى الأشعري وإبراهيم النخعي والشعبي والزهري ومجاهد والحسن وسعيد بن جبير أنها محكمة لكنها مما تهاون به الناس، قال الحسن: أدركنا الناس وهم يقسمون على القرابات واليتامى والمساكين من الورق والذهب، فإذا آل الأمر إلى قسمة الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك قالوا لهم قولا معروفا. كانوا يقولون لهم: ارجعوا بورك فيكم. وعلى الاستحباب وهو مذهب فقهاء الأمصار اليوم قالوا: إن هذا الرضخ يستحب إذا كانت الورثة كبارا، أما إذا كانوا صغارا فليس إلا القول المعروف كأن يقول الولي: إني لا أملك هذا المال إنما هو لهؤلاء الضعفاء الذين لا يعرفون ما عليهم من الحق، وإن يكبروا فسيعرفون حقكم. والضمير في مِنْهُ إما أن يعود إلى ما ترك، وإما إلى الميراث بدليل ذكر القسمة. وقيل: المراد قسمة الوصية.
وإذا حضرها من لا يرث من الأقرباء واليتامى والمساكين، أمر الله الموصي أن يجعل لهم نصيبا من تلك الوصية ويقول لهم مع ذلك قولا معروفا. وقيل: أولو القربى الوارثون واليتامى والمساكين الذين لا يرثون. وقوله: وَقُولُوا لَهُمْ راجع إلى هؤلاء الذين لا يرثون. ويحكى هذا القول عن سعيد بن جبير. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا الجملة الشرطية وهي «لو» مع ما في حيزه صلة الذين. والمعنى ليخشى الذين من صفتهم وحالهم أنهم لو تركوا ذرية ضعافا خافوا عليهم. وأما المخشى فغير منصوص عليه. قال بعض المفسرين:
هم الأوصياء أمروا بأن يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافا، أو أمروا بأن يخشوا على اليتامى من الضياع كما يخشون على أولادهم لو تركوهم، وعلى هذا فيكون القول السديد أي الصواب. القصد هو أن لا يؤذوا اليتامى ويكلموهم كما يكلمون أولادهم بالقول الجميل ويدعوهم بيا بني ويا ولدي، وهذا