للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيح بعضهم فيكون المال مشتركا بينهم بالسوية. وأيضا

قال صلى الله عليه وسلم: «وما أبقت السهام فلأولى عصبة ذكر»

ولا نزاع في أن الابن عصبة ذكر، فإذا لم يكن معه صاحب فرض فله كل المال لا محالة. والنص: سألت عن ولد الولد فقيل: اسم الولد يقع على ولد الابن أيضا لقوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ [الأعراف: ٣١] يا بَنِي إِسْرائِيلَ [البقرة: ٤٠، ٤٧، ١٢٢ وغيرها من الآيات] . وقيل: قيس ولد الولد على الولد لما أنه كولد الصلب في الإرث والتعصيب، ولكنه لا يستحق شيئا مع أولاد الصلب على وجه الشركة، وإنما يستحق إذا لم يوجد ولد الصلب رأسا، أو لا يأخذ كما في مسألة بنت واحدة وبنت ابن فإنهما يأخذان الثلثين. واعلم أن عموم قوله تعالى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ مخصوص بصور منها: أن العبد والحر لا يتوارثان. ومنها أن القاتل لا يرث. ومنها أن لا يتوارث أهل ملتين والمرتد ماله فيء لبيت المال سواء اكتسب في الإسلام أو في الردة. وعند أبي حنيفة: ما اكتسب في الإسلام يرثه أقاربه المسلمون. ومنها أن الأنبياء لا يورثون خلافا للشيعة.

روي أن فاطمة رضي الله عنها لما طلبت الميراث احتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» «١»

واحتجت بقوله تعالى حكاية عن زكريا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم: ٦] وبقوله: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ [النمل: ١٦] ، والأصل في التوريث للمال، ووراثة العلم أو الدين مجاز. وبعموم قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ ولأن المحتاج إلى هذه المسألة ما كان إلا عليا وفاطمة والعباس وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء في الدين. وأما أبو بكر فإنه ما كان محتاجا إلى معرفة هذه المسألة البتة لأنه ما كان يخطر بباله أنه يرث الرسول عليه الصلاة والسلام، فكيف يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغ هذه المسألة إلى من لا حاجة به إليها ولا يبلغها إلى من له إلى معرفتها أشد الحاجة؟ وأيضا يحتمل أن يكون

قوله: «ما تركناه صدقة»

صلة

لقوله: «لا نورث»

والمراد أن الشيء الذي تركناه صدقة فذلك الشيء لا يورث ولعل فائدة تخصيص الأنبياء بذلك أنهم إذا عزموا على التصدق بشيء فمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم فلا يرثه وارثهم عنهم. أجابوا بأن فاطمة رضي الله عنها رضيت بقول أبي بكر بعد هذه المناظرة وانعقد الإجماع على ما ذهب إليه أبوبكر. واعلم أن جميع ما ذكرنا إنما هو في حالة انفراد الأولاد، أما حالة اجتماعهم بالأبوين فذلك قوله: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ والمراد بالأبوين الأب والأم. فغلب جانب الأب لشرفه، ومثله من التغليب في التثنية «القمران» و «العمران» و «الخافقان» .


(١) رواه البخاري في كتاب الخمس باب ١. مسلم في كتاب الجهاد حديث ٤٩- ٥٢. أبو داود في كتاب الإمارة باب ١٩. الترمذي في كتاب السير باب ٤٤. النسائي في كتاب الفيء باب ٩، ١٦. الموطأ في كتاب الكلام حديث ٢٧. أحمد في مسنده (١/ ٤، ٦، ٤٧، ١٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>