للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفقة.

عن مقاتل أن سعد بن الربيع، وكان من نقباء الأنصار، نشزت عليه امرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير، فلطمها. فانطلق بها أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أفرشته كريمتي فلطمها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لتقتص منه، وكانت قد نزلت آية القصاص، فانصرفت مع أبيها لتقتص منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارجعوا هذا جبريل أتاني وأنزل الله هذه الآية. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أردنا أمرا وأراد الله أمرا والذي أراد الله خير ورفع القصاص.

فلهذا قال العلماء:

لا قصاص بين الرجل وامرأته فيما دون النفس ولو شجها ولكن يجب العقل، وقيل: لا قصاص إلّا في الجرح والقتل، وأما في اللطمة ونحوها فلا. ثم قسم النساء قسمين، فوصف الصالحات منهن بأنهن قانتات مطيعات لله وللزوج حافظات للغيب قائمات بحقوق الزوج في غيبته، والغيب خلاف الشهادة. ومواجب حفظ غيبة الزوج أن تحفظ نفسها عن الزنا لئلا يلحق الزوج العار بسبب زناها، ولئلّا يلحق به الولد الحاصل من نطفة غيره، وأن تحفظ أسراره عن الإفشاء وماله عن الضياع ومنزلها عما لا ينبغي شرعا وعرفا.

عن النبي صلى الله عليه وسلم «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها وتلا الآية» «١» .

و «ما» في قوله: بِما حَفِظَ اللَّهُ موصولة والعائد محذوف أي بالذي حفظه الله لهن أي عليهن أن يحفظن حقوق الزوج في مقابلة ما حفظ الله حقوقهن على أزواجهن حيث أمرهم بالعدل فيهن في قوله: فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ [البقرة: ٢٢٩] فقوله: بِما حَفِظَ اللَّهُ يجري مجرى قولهم «هذا بذاك» أي هذا في مقابلة ذاك، أو مصدرية والمعنى: أنهن حافظات للغيب بحفظ الله إياهن فإنهن لا يتيسر لهن حفظ الغيب إلّا بتوفيق الله، أو بما حفظهن حين وعدهن الثواب العظيم على الأمانة، وأوعدهن العذاب الشديد على الخيانة. ومن قرأ بِما حَفِظَ اللَّهُ بالنصب ف «ما» أيضا موصولة أي بالأمر الذي يحفظ حق الله وأمانته وهو التعفف والتحصن والشفقة على الرجال والنصيحة لهم، أو مصدرية أي بسبب حفظهن حدود الله وأوامره فإن المرأة لولا أنها تحاول رعاية تكليف الله وتجتهد في حفظ أوامره وإلا لما أطاعت زوجها. ثم ذكر غير الصالحات منهن فقال: وَاللَّاتِي تَخافُونَ تعرفون بالقرائن والأمارات نُشُوزَهُنَّ عصيانهن والترفع عليكم بالخلاف من نشز الشيء ارتفع، ومنه نشز للأرض المرتفعة فَعِظُوهُنَّ وهو أن يقول:

اتقي الله فإن لي عليك حقا، وارجعي عما أنت عليه، واعلمي أن طاعتي عليك فرض ونحو ذلك. وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ أي في المراقد أي لا تداخلوهن تحت اللحف. وقيل:

هو أن يوليها ظهره في المضجع. وقيل: في المضاجع أي ببيوتهن التي يبتن فيها أي لا


(١) رواه أبو داود في كتاب الزكاة باب ٣٢. ابن ماجه في كتاب النكاح باب ٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>