للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بين سائر الأديان. ثم بين الرخصة بقوله: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ أي في مجاعة وأصل الخمص ضمور البطن غَيْرَ مُتَجانِفٍ منصوب باضطرّ أو بمضمر أي فتناول غير منحرف إلى إثم بأن يأكل فوق الشبع أو عاصيا بسفره، وقد مرّ القول في هذه الرخصة مستوفي في سورة البقرة.

يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ كأنهم حين تلي عليهم ما حرّم عليهم من خبيثات المآكل سألوا عما أحل لهم والسؤال في معنى القول. وإنما لم يقل ماذا أحل لنا على حكاية قولهم نظرا إلى ضمير الغائب في: يَسْئَلُونَكَ ومثل هذا يجوز فيه الوجهان. تقول: أقسم زيد ليفعلن أو لأفعلن. أما سبب النزول

فعن أبي رافع أن جبريل عليه السلام جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له فلم يدخل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جبريل: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو. قال أبو رافع: فأمرني أن لا أدع بالمدينة كلبا إلّا قتلته حتى بلغت العوالي فإذا امرأة عندها كلب يحرسها فرحمتها فتركته فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأمرني بقتله، فرجعت إلى الكلب فقتلته، فجاء ناس فقالوا: يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي تقتلها فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن نزلت هذه الآية. فأمر بقتل الكلب الكلب والعقور وما يضر ويؤذي وأذن في اقتناء الكلاب التي ينتفع بها.

وقال سعيد بن جبير: نزلت في عدي بن حاتم وزيد الخيل الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير حين قالا: يا رسول الله إنا قوم نصيد بالكلاب والبزاة وإنها تأخذ البقر والحمر والظباء والضب فمنه ما ندرك ذكاته ومنه ما نقتل فلا ندرك وقد حرّم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزل: قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ

أي ما ليس بخبيث منها وهو ما لم يأت تحريمه في كتاب أو سنة أو قياس مجتهد، أو أحل لكم كل ما يستلذ ويشتهى عند أهل المروءة والأخلاق الجميلة، واعلم أن الأصل في الأعيان الحل لأنها خلقت لمنافع العباد هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً [البقرة: ٢٩] واستثنى من ذلك أصول: الأوّل: تنصيص الكتاب على تحريمه كالميتة والدم وغيرهما. الثاني: تنصيص السنة كما

روي عن جمع من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عام خيبر عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية والبغال كالحمير.

ولا تحرم الخيل عند الشافعي لما

روي عن جابر أنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل.

الثالث: ما هو في معنى المنصوص كالنبيذ فإنه مسكر كالخمر فيشاركها في التحريم. الرابع: كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور وقد مر معنى السبع عن قريب فلا يحل بموجب هذا الأصل الكلب والأسد والذئب والنمر والفهد والدب والببر والقرد والفيل لأنها تعدو بأنيابها، ولا يحل من الطيور البازي

<<  <  ج: ص:  >  >>