للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ مبالغة في الوعد بالنصر والظفر كأنه قال: متى دخلتم باب بلدهم لم يبق منهم نافخ نار ولا ساكن دار فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ علموه ظنا أو يقينا من عادة الله في نصرة رسله عامة ومن صنعه لموسى عليه السلام؟؟؟ في قهر أعدائه خاصة وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا الفاء للإيذان بتلازم ما قبلها وما بعدها. والمعنى لما وعدكم الله النصر فلا ينبغي أن تصيروا خائفين من عظم أجسامهم بل توكلوا على الله إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مقرين بوجود الإله القدير، موقنين بصحة نبوّة موسى قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها نفوا دخولهم في المستقبل على وجه التأكيد المؤيس وزادوا في التأكيد بقولهم: أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ قال العلماء: لعلهم كانوا مجسمة يجوّزون الذهاب والمجيء على الله تعالى أو أنهم لم يقصدوا حقيقة الذهاب كقولك: «كلمته فذهب يجيبني» يريد القصد والإرادة. وقيل: المراد بالرب أخوه هارون وسموه ربا لأنه أكبر من موسى. وقيل: التقدير اذهب وربك معين لك بزعمك ولكن لا يجاوبه. قوله فَقاتِلا ولا يبقى لقوله أنت فائدة واضحة. ولا يخفى أنّ هذا القول منهم كفر أو فسق فلهذا قال موسى على سبيل الشكوى والبث رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي قال الزجاج: في إعرابه وجهان: الرفع على موضع إني والمعنى أنا لا أملك إلّا نفسي وأخي كذلك، أو نسقا على الضمير في أَمْلِكُ أي لا أملك أنا وأخي إلّا أنفسنا. والنصب على أنه نسق على الياء أي إني وأخي لا نملك إلّا أنفسنا، أو على نفسي أي لا أملك إلّا نفسي ولا أملك إلّا أخي، لأنّ أخاه إذا كان مطيعا له فهو مالك طاعته، وكأنه لم يثق بالرجلين كل الوثوق فلهذا لم يذكرهما، أو لعله قال ذلك تقليلا لمن يوافقه، أو أراد من يؤاخيه في الدين. فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فباعد بيننا وبينهم وخلصنا من صحبتهم كقوله: وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [التحريم: ١١] أو المراد فافصل بيننا وبينهم بأن تحكم لكل منا بما يستحق وهو في معنى الدعاء عليهم بدليل فاء التسبيب في قوله: فَإِنَّها أي الأرض المقدسة مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثم يفتحها الله لهم من غير محاربة. أو المراد أنهم يتيهون أربعين سنة ومعنى يتيهون يسيرون متحيرين. عن مقاتل أن موسى عليه السلام لما دعا عليهم فأخبره الله بأنهم يتيهون قالوا له: لم دعوت علينا وندم على ما عمل فأوحى الله إليه: فَلا تَأْسَ أي لا تحزن ولا تندم عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ فإنهم أحقاء بالعذاب لفسقهم. وجوّز بعضهم أن يكون ذلك خطابا لمحمد صلى الله عليه وسلم أي لا تحزن على قوم لم تزل مخالفة الرسل هجيراهم.

واعلم أن المفسرين اختلفوا في أنّ موسى وهارون هل بقيا في التيه أم لا؟ فقال قوم:

إنهما ما كانا في التيه لأنه دعا أن يفرق بينه وبينهم وكل نبي مجاب، ولأن التيه عذاب

<<  <  ج: ص:  >  >>