وقيل: هما لغتان مثل سبع وسبع. وقيل: إن العبد جمعه عباد والعباد جمعه عبد كثمار وثمر إلا أنهم استثقلوا الضمتين فأبدلت الأولى فتحة. وقيل: أرادوا أعبد الطاغوت مثل: فلس وأفلس إلا أنه حذف الألف وضم الباء لئلا يشبه الفعل. والطاغوت هاهنا قيل:
هو العجل. وقيل: هو الأحبار. والظاهر أنه كل ما عبد من دون الله، وكل من أطاع أحدا في معصية فقد عبده. احتجت الأشاعرة بالآية على أن الكفر بجعل الله تعالى. وقالت المعتزلة: معنى هذا الجعل أنه حكم عليهم بذلك ووصفهم به كقوله: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف: ١٩] أو أنه خذلهم حتى عبدوها. أُولئِكَ الملعونون الممسوخون شَرٌّ مَكاناً من المؤمنين. قال ابن عباس: إن مكانهم سقر ولا مكان شر منه. وقال علماء البيان: هو من باب الكناية لأنه ذكر المكان وأريد أهله الذي هو ملزوم المكان. وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ قصده ووسطه. كان ناس من اليهود يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهرون له الإيمان نفاقا فأخبره الله بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسه كما دخلوا لم يؤثر فيهم شيء من النصيحة والموعظة قط. وقوله: بِالْكُفْرِ وبه حالان أي ملتبسين بالكفر، وكذلك قوله: وَقَدْ دَخَلُوا وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا ولذلك دخلت «قد» تقريبا للماضي من الحال، وليفيد التوقع أيضا. وذلك أن أمارات النفاق كانت لائحة على صفحات أحوالهم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متوقعا لإظهار الله أسرارهم. والعامل في هذه الحال قالوا: وفي الأولى: دَخَلُوا وخَرَجُوا أي قالوا آمنا وحالهم أنهم دخلوا كافرين وخرجوا كافرين. وإنما ذكر عند الخروج كلمة «هم» لتأكيد إضافة الكفر إليهم. ونفى أن يكون من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فعل أي لم يسمعوا منك يا محمد عند جلوسهم ما يوجب كفرا فتكون أنت الذي ألقيتهم في الكفر، بل هم الذين خرجوا بالكفر باختيار أنفسهم. وهاهنا استدل المعتزلي على صحة مذهبه أن الكفر من العبد لا من الله ولكنه معارض بالعلم والداعي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ فيه أن حسدهم وخبثهم لا يحيط به إلا الله فما أعظم ذلك وأبلغ. الإثم الكذب كقوله بعد: عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ والعدوان الظلم وقيل: الإثم ما يختص بهم، والعدوان ما يتعداهم إلى غيرهم. وقيل: الإثم كلمة الشرك قولهم عزير ابن الله. وفي الآية فوائد منها: ذكر كثير لأن كلهم كان لا يفعل ذلك إذ بعضهم يستحيي فيترك.
ومنها أن المسارعة إنما تليق بالخيرات وإنهم كانوا يستعملونها في المنكرات. ومنها أن الإثم يتناول جميع المعاصي فذكر بعده العدوان وأكل السحت ليدل على أنهما أعظم أنواع الإثم والكلام في معنى السحت. وفي تفسير الربانيين والأحبار قد مر في السورة عن قريب. وقال