خلاف تقاعد عنه، فعبر عن الأداء بالإقامة لأن القيام بعض أركانها كما عبر عنه بالقنوت، والقنوت القيام- وبالركوع والسجود والتسبيح يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي [آل عمران: ٤٣] فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ [الصافات: ١٤٣] ولا يخفى أن إقامة الصلاة بجميع هذه المعاني تستحق المدح والثناء. السادسة: الصلاة في عرف الشرع عبارة عن إلهيات والأقوال المخصوصة التي مفتتحها التحريم ومختمها التسليم فرضا كانت أو نفلا، إلا أنه يحتمل أن يقال المراد بها في الآية الفرض لأن الفلاح قد نيط بها في قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي أفلح والله إن صدق بعد قول الأعرابي «والله لا أزيد على هذه ولا أنقص» أي على الصلوات المفروضة. واشتقاقها لغة إما من الصلاة بمعنى الدعاء قال الأعشى:
وقابلها الريح في دنها ... وصلى على دنها وارتسم
أي وضع عليها الرسم وهو الخاتم وإما من قولهم «صليت العصا بالنار» إذا لينتها وقومتها قال:
فلا تعجل بأمرك واستدمه ... فما صلي عصاك كمستديم
والمصلي يسعى في تعديل ظاهره وتقويم باطنه كالخشب الذي يعرض على النار.
وإما من قولهم «صلى الفرس» إذا جاء مصليا أي ملازما للسابق، لأن رأسه عند صلاه، والصلا ما عن يمين الذنب وشماله، والمصلي ملازم لفعله من حين شروعه إلى أوان فراغه. والصلاة اسم وضع موضع المصدر يقال: صليت صلاة ولا يقال تصلية. قال في الكشاف: الصلاة فعلة من صلى كالزكاة من زكى. وكتبها بالواو على لفظ المفخم. وحقيقة صلى حرك الصلوين لأن المصلي يفعل ذلك في ركوعه وسجوده، ولا يخفى ما فيه من التعسف. السابعة: الرزق لغة هو ما ينتفع به، فيشمل الحلال والحرام والمأكول وغيره والمملوك وغيره، والمعتزلة ومن يجري مجراهم زادوا قيدا آخر وهو أن لا يكون ممنوعا عن الانتفاع به، وعلى هذا لا يكون الحرام عندهم رزقا. قال في الكشاف: إسناد الرزق إلى نفسه للإعلام بأنهم ينفقون الحلال المطلق الذي يستأهل أن يضاف إلى الله تعالى ويسمى رزقا منه. وأدخل «من» التبعيضية صيانة لهم وكفا عن الإسراف والتبذير المنهي عنه، وقدم مفعول الفعل دلالة على كونه أهم كأنه قال: ويخصون بعض المال الحلال بالتصدق به، والحق أن التمكين من الانتفاع بالمرزوق مسند إلى الله تعالى على الإطلاق، إذ كل بقدرته إلا أن مذهب المعتزلة إلى الأدب أقرب، ولا سيما في هذا المقام ليستحقوا المدح بالإنفاق منه. الثامنة:
أنفق الشيء وأنفده أخوان، وكل ما فاؤه نون وعينه فاء يدل على معنى الخروج والذهاب، وما يقرب منه ويدخل في هذا الإنفاق الواجب من الزكاة التي هي أخت الصلاة وشقيقتها، ومن الإنفاق على النفس وعلى من تجب نفقته، ومن الإنفاق في الجهاد. ويمكن أن يتناول