[هود: ٦٨] قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ آية ظاهرة دالة على صدقي وكأنه قيل:
ما تلك البينة فقال هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً وانتصابها على الحال والعامل فيها ما في اسم الإشارة أو حرف التنبيه من معنى الفعل أي أشير إليها أو أنبه عليها آية. ولَكُمْ بيان لمن هي له آية موجبة للإيمان وهم ثمود. وسبب تخصيص أولئك الأقوام بها مع أنها آية لكل أحد أنهم عاينوها وغيرهم أخبروا بها وليس الخبر كالمعاينة. أو لعله يثبت سائر المعجزات إلا أن القوم التمسوا هذه المعجزة بعينها على سبيل الاقتراح فأظهرها الله تعالى لهم فلهذا حسن التخصيص.
وإنما أضيفت إلى اسم الله تعظيما لها وتفخيما لشأنها حيث جاءت مكونة من عنده من غير فحل وطروقة آية من آياته كما تقول: آية الله وبيت الله، وبالحقيقة هي آية تشتمل على آيات.
فخروجها من الجبل آية، وكونها لا من ذكر وأنثى آية، وكمال خلقها من غير تدريج ومهل آية، وأن لها شرب يوم ولجميع ثمود شرب يوم آية، وكذا الكلام في قوتها المناسب للماء وفي غزارة لبنها، وأنكر الحسن فقال: إنها لم تحلب قطرة لبن قط.
ويروى أن جميع الحيوانات كانت تمتنع عن الورود في يوم شربها.
وقيل: سميت ناقة الله لأنه لا مالك لها سوى الله تعالى. وقيل: لأنها حجة الله على القوم فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ أي الناقة ناقة الله والأرض أرض الله فدعوها تأكل في أرض ربها ومما أنبت منها وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ من الضرب والطرد وسائر أنواع الأذى إكراما لآية الله. فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني أخذ الاستفزاز والاستئصال وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ تفسيره كما في قصة هود وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ أنزلكم فيها والمباءة المنزل والأرض أرض الحجر تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها أي تبنون من سهول الأرض قصورا بما تعملون من الأراضي السهلة لبنا وآجرا ورهصا. وانتصاب بُيُوتاً على الحال المقدرة كما تقول خط هذا الثوب قميصا لأن الجبل لا يكون بيتا في حال النحت ولا الثوب قميصا في حال الخياطة. ويجوز أن تكون من مقدرة اكتفاء بقوله مِنْ سُهُولِها كما جاءت في موضع آخر تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ [الشعراء:
١٤٩] فيكون منصوبا على أنه مفعول به. وقيل: المراد أنهم كانوا يسكنون السهول في الصيف والجبال في الشتاء فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ يعني إني قد ذكرت لكم بعض نعم ربكم فاذكروا أنتم تمامها وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ قيل: نهى عن عقر الناقة والأولى حمله على العموم. وإعرابه قد مر في أوائل سورة البقرة. قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أي المساكين الذين استحقرهم رؤساء الكفار. وقوله لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بدل من قوله لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا بتكرار الجار لشدة الاتصال. والضمير في مِنْهُمْ إما أن يرجع إلى الذين استضعفوا فيكون البدل بدل البعض ودل على أن المستضعفين فريقان مؤمنون وكافرون، وإما أن يرجع إلى قومه فيكون البدل بدل الكل ودل على أن الاستضعاف من شأن