الشمس مقصورة، وتذكر على أنه مفرد كصرد وتؤنث على أنها جمع ضحوة. ثم بعده الضحاء ممدودا مذكرا وهو عند ارتفاع النهار الأعلى. في قوله وَهُمْ يَلْعَبُونَ يحتمل التشاغل بما لا يجدي عليهم من أمور الدنيا فهي لهو ولعب، ويحتمل خوضهم في كفرهم لأن ذلك كاللعب في أنه يضر ولا ينفع. ومكر الله كما تقدم في آل عمران عذاب بعد الاستدراج أو سمي جزاء المكر مكرا. عن الربيع بن خثيم أن ابنته قالت له: ما لي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ قال: يا بنتاه إن أباك يخاف البيات يعني المذكور في الآية.
اللهم اجعلنا من الخائفين العاقلين لا من الآمنين الغافلين. ثم لما بيّن حال المهلكين مفصلا ومحلا ذكر أن الغرض من القصص حصول العبرة للباقين فقال أَوَلَمْ يَهْدِ من قرأ بالياء ففاعله أَنْ لَوْ نَشاءُ والمعنى: أو لم يهد الذين يخلفون أولئك المتقدمين فيرثون أرضهم وديارهم هذا الشأن وهو أنا لو نشاء أصبناهم بذنوبهم أي بعقابها كما أصبنا من قبلهم. ومن قرأ بالنون فقوله أَنْ لَوْ نَشاءُ منصوب والهداية بمعنى التبيين على القراءتين ولهذا عدّي فعلها باللام، والمفعول على القراءة الأولى محذوف والتقدير: أولم يكشف لهم الحال والشأن المذكور. وأما قوله وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فإما أن يكون منقطعا عما قبله بمعنى ونحن نطبع كما مر في الوقوف، وإما أن يكون متصلا بما قبله. قال الكشاف: وذلك هو يرثون أو ما دلّ عليه معنى أَوَلَمْ يَهْدِ كأنه قيل: يغفلون عن الهداية ونطبع. ثم قال: ولا يجوز أن يكون معطوفا على أَصَبْناهُمْ وطبعنا لأن القوم كانوا مطبوعا على قلوبهم فيجري مجرى تحصيل الحاصل ولقائل أن يقول: لا يلزم من المذكور وهو كونهم مذنبين أن يكونوا مطبوعين، فاقتراف الذنوب غير الطبع لأن يذنب أوّلا أو يكفر ثم يستمر على ذلك فيصير مطبوعا على قلبه. وأيضا جاز أن يراد لو شئنا لزدنا في طبعهم أو لأدمناه والله سبحانه أعلم بمراده. ثم أخبر عن الأقوام المذكورين تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم فقال تِلْكَ الْقُرى وهي مبتدأ وخبر. وقوله يقص حال والعامل معنى اسم الإشارة، أو خبر بعد خبر، أو الْقُرى صفة ل تِلْكَ ونَقُصُّ خبر.
وفائدة الإخبار على هذا التقدير ظاهرة. وأما على الأوّلين فترجع الفائدة إلى الحال أو الخبر الثاني كما ترجع إلى الصفة في قولك: هو الرجل الكريم. الحاصل أن تلك القرى المذكورة نقص عليك بعض أنبائها ولها أنباء غيرها لم نقصها عليك، وأيضا خصصنا تلك القرى بقصص بعض أنبائها لأنهم اغتروا بطول الأمهال مع كثرة النعم وكانوا أقرب الأمم إلى العرب فذكرنا أحوالهم تنبيها على الاحتراز عن مثل أعمالهم. ثم عزى رسوله بقوله وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا من قبل اللام لتأكيد النفي