أصابهم فمات من القبط سبعون ألف إنسان في يوم واحد فتركوا غير مدفونين قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ أي بعهده عندك وهو النبوة ف بِما مصدرية والباء يتعلق ب ادْعُ تعلق القلم بالكتبة في قولك: كتبت بالقلم أي ادع الله لنا متوسلا إليه بعهده عندك. أو تعلق المقسم عليه بالفعل فتكون باء الاستعطاف أي أسعفنا إلى ما نطلب إليك من الدعاء لنا بحق ما عندك من عهد الله وكرامته بالنبوة. ووجه آخر وهو أن يكون قسما مجابا ب لَنُؤْمِنَنَّ فيكون متعلقا بالأقسام أي أقسمنا بعهد الله عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل أي نخيلهم وشأنهم فتذهب بهم حيث شئت فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ العذاب لا مطلقا ولا في جميع الوقائع بل إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ لا محالة ومعذبون فيه إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ جواب «لما» أي لما كشفنا عنهم فاجأوا النكث وبادروه فانتقمنا منهم سلبنا النعمة عنهم بالعذاب فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ وهو البحر الذي لا يدرك قعره. وقيل: هو لجة البحر ومعظم مائه سمي باليم لأن المنتفعين به يتيممونه أن يقصدونه بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي كان إغراقهم بسبب التكذيب وَبأنهم كانُوا عَنْها أي عن الآيات وقيل عن النقمة بدلالة انتقمنا أي وكانوا عن النقمة قبل حلولها غافِلِينَ أي معرضين غير متفكرين فإن نفس الغفلة ليس باختيار الإنسان حتى يترتب الوعيد عليها. ثم بين ما فعله بالمحقين بعد إهلاك المبطلين فقال وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ بقتل الأبناء واستحياء النساء والاستخدام في الأعمال الشاقة مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا يعني أرض مصر والشام لأنها هي التي كانت تحت تصرف فرعون. وقوله الَّتِي بارَكْنا فِيها أي بالخصب وسعة الأرزاق وذلك لا يليق إلا بأرض الشام. وقيل: المراد جملة الأرض لأنه خرج من بني إسرائيل من ملك جملتها كداود وسليمان وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى تأنيث الأحسن صفة للكلمة. قيل: يريد بالكلمة قوله في سورة القصص وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً [القصص: ٥] إلى تمام الآيتين. ومعنى تَمَّتْ مضت واستمرت من قولك تم على الأمر إذا مضى عليه. وقيل: معنى تمام الكلمة الحسنى إنجاز الوعد الذي تقدم بإهلاك عدوّهم واستخلافهم في الأرض، لأن الوعد بالشيء جعله كالمعلق فإذا حصل الموعود صار تاما كاملا بِما صَبَرُوا أي بسبب صبرهم.
وفيه أن الصبر عنوان الظفر وضمين بالنصر والفرج وَدَمَّرْنا أي أهلكنا والدمار والهلاك ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ قال ابن عباس: يريد المصانع. وقال غيره: يعني العمارات وبناء القصور. ولعله على العموم فيتناول المعاني والأعيان وما كانوا يعرشون من الجنات كقوله هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ [الأنعام: ١٤١] وقيل: وما كانوا يرفعون من