للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث خلف ما أعقبه الحسرات وبالجنوب اليمين والشمال حيث لم يصرف المال في مرضاة الله وأنفقه في معصيته وسخطه وهذا بالتأويل أليق. ثم الذي جعل كيا هو كل ماله أو قدر الزكاة الظاهر أنه الكل لأنه لما لم يخرج منه الحق كان ذلك الجزء شائعا في كل ماله فناسب أن يعذب بكل الأجزاء ثم قال هذا ما كَنَزْتُمْ والتقدير فيقال لهم هذا ما كنزتم لِأَنْفُسِكُمْ وفيه توبيخ وإشعار بأنهم عورضوا بنقيض ما قصدوا وأكد ذلك بقوله فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ما مصدرية أو موصولة والمعنى اعرفوا وبال كونكم كانزين، أو ذوقوا وبال المال الذي كنتم تكنزونه.

ثم ذكر نوعا آخر من قبائح أعمال اليهود والنصارى والمشركين فقال إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ الآيتان وذلك أنه تعالى لما حكم في كل وقت بحكم خاص فإذا غيروا تلك الأوقات بسبب النسيء والكبيسة كان ذلك سعيا منهم في تغيير حكم الله بحسب الهوى فكان ذلك زيادة في كفرهم. واعلم أن المعالم الشرعية كلها منوطة بالشهور القمرية الهلالية لقوله سبحانه قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ [البقرة: ١٨٩] والسنة القمرية عبارة عن اثني عشر شهرا قمريا بدليل قوله تعالى إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً قال أبو علي الفارسي: لا يجوز أن يتعلق قوله فِي كِتابِ اللَّهِ بقوله عِدَّةَ الشُّهُورِ للفصل بالأجنبي وهو الخبر أعني اثنا عشر. فقوله فِي كِتابِ اللَّهِ ويَوْمَ خَلَقَ الثاني بدل من الأول وهو من عند. والتقدير إن عدّة الشهور عند الله في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض. وفائدة الإبدالات تقرير الكلام في الأذهان لأنه يعلم منه أن ذلك العدد واجب عند الله وثابت في عمله في أول ما خلق الله العالم. ويجوز أن يكون فِي كِتابِ اللَّهِ صفة اثنا عشر أي اثنا عشر شهرا مثبتة في كتاب الله وعلى هذا لا يجوز أن يراد بالكتاب كتاب من الكتب لأن يَوْمَ متعلق به ولا تتعلق الظروف بأسماء الأعيان. لا يقال: غلامك يوم الجمعة بل الكتاب يكون مصدرا بمعنى المفعول أي فيما أثبته في ذلك اليوم اللهم إلا إذا قدر الكلام هكذا. إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا مكتوبا في كتاب الله يوم خلق. قال ابن عباس: هو اللوح المحفوظ. وقيل: القرآن.

مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثلاثة سرد أي مسرودة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ يعني أن تحريم الأشهر الحرم الدين المستقيم الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل وقد توارثته العرب منهما، وكانوا يعظمونها ويحرّمون القتال فيها حتى لو لقي الرجل قاتل أبيه أو أخيه تركه فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أي في الأشهر الأربعة أَنْفُسَكُمْ بأن تجعلوا حرامها حلالا. عن عطاء قال: تالله ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في

<<  <  ج: ص:  >  >>