للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصد أو موضع ماله إن كان له في الطريق مال. قال الشافعي: ويدخل في المسافر الشاخص من وطنه أو من بلد كان مقيما به منشئا للسفر والغريب المجتاز ببلدنا والله أعلم.

ولنذكر طرفا من أحكام هذه الأصناف:

الحكم الأول: اتفقوا على دخول الزكاة الواجبة في قوله إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لقوله في موضع آخر خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة: ١٠٣]

ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» «١»

واختلفوا في الصدقة المندوبة فمنهم من قال تدخل، والفائدة أن تعلم أن مصارف جميع الصدقات ليست إلا هؤلاء الأصناف، والأقرب اختصاص الآية بالواجبة لدخول لام التمليك في الأصناف، والصدقة المملوكة لهم ليست إلا الزكاة ولأن الآية تدل على الحصر في الأصناف الثمانية والصدقة المندوبة يجوز صرفها إلى وجوه أخر كالمساجد والمدارس وتجهيز الموتى، ولأن الصدقات تنصرف إلى معهود سابق وهو الصدقات الواجبة في قوله وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ.

الحكم الثاني: في الآية دلالة على أن الزكاة إنما يتولى أخذها الإمام أو نائبه لأنه تعالى جعل للعاملين سهما منها. والعامل هو الذي نصبه الإمام لأخذ الزكوات ويتأكد هذا النص بقوله خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً فالقول بأن المالك يجوز له إخراج زكاة الأموال الباطنة بنفسه إنما يعرف بدليل آخر كقوله فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات: ١٩] وإذا كان حقا لهما وجب أن يجوز دفعه إليهما ابتداء، وإذا كان الإمام جائرا فالتفريق بنفسه أفضل.

الحكم الثالث: مذهب أبي حنيفة أنه يجوز صرف الصدقة إلى بعض هؤلاء الأصناف وهو قول عمر وحذيفة وابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء وأبي العالية والنخعي، لأنه تعالى جعل جملة الصدقات لهؤلاء الثمانية فلا يلزم أن يكون كل جزء من أجزائها كصدقة زيد مثلا موزعا على كل واحد منهم، ولأن الرجل الذي لا يملك إلا عشرين دينارا فأخرج نصف دينار لو كلفناه أن يقسمه على أربعة وعشرين لدفع كل ثلاثة منها إلى ثلاثة من كل


(١) رواه البخاري في كتاب الزكاة باب ٤، ٣٢، ٤٢. مسلم في كتاب الزكاة حديث ١، ٣، ٤. أبو داود في كتاب الزكاة باب ٢. الترمذي في كتاب الزكاة باب ٧. النسائي في كتاب الزكاة باب ٥.
ابن ماجه في كتاب باب ٦. الدارمي في كتاب الزكاة باب ١١. الموطأ في كتاب الزكاة حديث ١، ٢. أحمد في مسنده (٢/ ٩٢) (٣/ ٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>