خبر مبتدأ محذوف وخَيْرٍ كذلك أي هو أذن هو خير. والمعنى هو أذن موصوف بالخيرية في حقكم لأنه يقبل معاذيركم ويتغافل عن جهالاتكم فتحفظ بذلك دماؤكم وأموالكم. وقيل: التقدير قل أذن واعية سامعة للحق خير لكم من هذا الطعن الفاسد. ثم ذكر بعده ما يدل على فساد هذا الطعن وهو قوله يُؤْمِنُ بِاللَّهِ إلى آخره. ووجه ثالث ذكره صاحب النظم واستحسنه الواحدي وهو أن قوله أُذُنٌ وإن كان رافعا في الظاهر لكنه نصب في الحقيقة على الحال وتأويله: قل هو أذنا خير لكم.
ذكر أن من قبائح المنافقين إقدامهم على الإيمان الكاذبة فقال يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ أي كان من الواجب أن يرضوا الله تعالى بالإخلاص والتوبة لا بإظهار ما يستسرون خلافه. وإنما لم يقل يرضوهما تعظيما لله بالإفراد بالذكر، أو المراد والله أحق أن يرضوه ورسوله كذلك، أو وقع الاكتفاء بذكر الله لأن رضا الله ورضا رسوله شيء واحد كما يقال إحسان زيد وإجماله بعثني ومعني إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ أي بزعمهم. ثم وبخهم بقوله أَلَمْ يَعْلَمُوا وذلك أنه يقال ذلك لمن تتولع في تعليمه مدة ثم لم يظهر عليه أثر العلم والرشد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم طال مكثه فيهم وكثر تحذيره عن المعصية وترغيبه في الطاعة. والضمير في قوله أَنَّهُ للشأن وفائدته مزيد التعظيم والتهويل. والمحادة المخالفة لأن كلا منهما في حد غير حد صاحبه كالمشاقة لأن كلا منهما في شق آخر. وقال أبو مسلم: هي من الحديد حديد السلاح. ثم ذكر في الجزاء قوله فَأَنَّ لَهُ بالفتح أي فحق أن له نارَ جَهَنَّمَ وقيل «أن» مكرر للتأكيد والتقدير فله نار جهنم. وقيل «فإن» معطوف على «أنه» وجواب من محذوف وهو يهلك. قال الزجاج: يجوز كسر «أن» على الاستئناف بعد الفاء ولكن القراءة بالفتح.
ونقل الكعبي في تفسيره أنه قرىء بالكسر.
قال السدي: قال بعض المنافقين: والله لوددت إني قدمت فجلدت مائة جلدة ولا ينزل فينا شيء فيفضحنا فأنزل الله تعالى يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ وقال مجاهد: كانوا يقولون القوم بينهم ثم يقولون عسى الله أن لا يفشي علينا سرنا فنزلت. والضمير في عَلَيْهِمْ وتُنَبِّئُهُمْ للمؤمنين وفي قُلُوبِهِمْ للمنافقين، ويجوز أن تكون الضمائر كلها للمنافقين لأن السورة إذا نزلت في معناهم فهي نازلة عليهم وكأنها تخبر عما في بواطنهم وتذيع عليهم أسرارهم. قيل: المنافق كافر فكيف يحذر نزول الوحي لأنه غير قائل به؟ وأجيب بأنهم عرفوا ذلك بالتجربة أو كفرهم كان كفر عناد أو كانوا شاكين في صحة نبوته والشاك في أمر خائف من وقوعه، أو هذا الخبر في معنى الأمر أي ليحذر المنافقون. عن أبي