للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقولك: لا يعجبني أمر النائب ولا أمر المنوب. وهاهنا أراد المعية فقط إما اكتفاء بما سبق هناك، وإما لأن هؤلاء أقوام آخرون لم يكن عندهم تفاوت بين الأمرين. وقيل: إنه هناك لما علق الثاني بالأول تعليق الجزاء بالشرط أكد معنى النهي بتكرار «لا» ، وإنما قال هاهنا أَنْ يُعَذِّبَهُمْ لأنه إخبار عن قوم ماتوا على الكفر فتعلق الإرادة بما هم فيه وهو العذاب. وأما في الآية المتقدمة فالمفعول محذوف وقد مر. وقيل: الفائدة فيه التنبيه على أن التعليل في أحكام الله محال وأنه أينما ورد حرف التعليل فمعناه «أن» ، وإنما حذف الحياة هاهنا اكتفاء بما ذكر هنالك وقيل تنبيها على أن الحياة الدنيا لا تستحق أن تسمى حياة لخستها. وأما فائدة التكرير فهي المبالغة في التحذير من الأموال والأولاد لأنها جذابة للقلوب فتحتاج إلى صارف قوي، ويحتمل أن تكون الأولى في قوم والثانية في آخرين. وقيل: الثانية في اليهود والأولى في المنافقين. ثم عاد إلى توبيخ المنافقين فقال وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أي تمامها ويجوز أن يزاد عليها كما يقع القرآن والكتاب على بعضه. وقيل: هي براءة لأن فيها الأمر بالإيمان والجهاد أَنْ آمِنُوا «أن» هي المفسرة لأن إنزال السورة في معنى القول. وقال الواحدي: تقديره بأن آمنوا وإنما قدم الأمر بالإيمان لأن الاشتغال بالجهاد لا يفيد إلا بعد الإيمان أُولُوا الطَّوْلِ ذو الفضل والسمعة من طال عليه طولا قاله ابن عباس والحسن. وقال الأصم: الرؤساء والكبراء المنظور إليهم، وخصوا بالذكر لأن الذم لهم ألزم إذ لا عذر لهم في القعود مَعَ الْقاعِدِينَ مع أصحاب الأعذار من الضعفة والزمنى. والخوالف النساء اللواتي تخلفن في البيت، وجوز بعضهم أن يكون الخوالف جمع خالف وكان يصعب على المنافقين تشبيههم بالخوالف. ثم قال وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ كقوله خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [البقرة: ٧] وقد مر البحث فيه، وقال الحسن:

الطبع بلوغ القلب في الكفر إلى حد كأنه مات عن الإيمان. وقالت الأشاعرة: هو حصول داعية الكفر المانعة من الإيمان. والطبع في اللغة الختم وهو التأثير في الطين ونحوه، ومنه الطبع للسجية التي جبل عليها الإنسان فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ أسرار حكمة الله في الجهاد أو في الذهاب من السعادة وما في التخلف من الشقاء. وفي قوله لكِنِ الرَّسُولُ نكتة هي أنه إن تخلف هؤلاء فقد أنهض إلى الغزو من هو خير منهم وأصدق نية كقوله فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ [الأنعام: ٨٩] ثم ذكر منافع الجهاد على الإجمال فقال وَأُولئِكَ لَهُمُ الْخَيْراتُ وهي شاملة لمنافع الدارين. وقيل: هي الحور لقوله فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ [الرحمن: ٧٠] وقوله وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ المراد منه الخلاص من المكاره. ثم فصل ما أجمل فقال أَعَدَّ اللَّهُ الآية وقيل: الخيرات

<<  <  ج: ص:  >  >>