واجب. وفائدته أن يكون المكلف على الطمع والإشفاق فلا يتكل ولا يهمل، وفيه أن التوبة بخلق الله. وقالت المعتزلة: معنى أن يتوب أن يقبل التوبة. ورد بأنه عدول عن الظاهر مع أن الدليل العام وهو وجوب انتهاء الكل إلى مشيئته وتكوينه يعضد ما قلناه.
ثم قال سبحانه خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً عن الحسن: كانوا يقولون ليس المراد من هذه الآية الصدقة الواجبة وإنما هي صدقة كفارة الذنب الذي صدر عنهم وبهذا يحصل النظم بينها وبين ما قبلها كما مر. وقال أكثر الفقهاء: المراد بها الزكاة ووجه النظم أنهم لما أظهروا التوبة والندامة أمروا بإخراج الزكاة الواجبة تصحيحا لدعواهم. ومما يدل على ذلك أن الأمر ظاهره الوجوب وأيضا التطهير والتزكية يناسب الواجب لا التطوع. وفي قوله مِنْ أَمْوالِهِمْ دلالة على أن القدر المأخوذ بعض تلك الأموال، وتعيين ذلك البعض إنما عرف من السنة. وفي إضافة المال إليهم دليل على أن المال مالهم ولا شركة للفقير فيه فتكون الزكاة متعلقة بذمته حتى لو تلف النصاب بعد الوجوب بقي الحق في ذمة المالك وهو قول الشافعي. وقوله تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ التاء فيهما للخطاب أي تطهرهم أيها الآخذ وتزكيهم بواسطة تلك الصدقة. وقيل: التاء في تُطَهِّرُهُمْ للتأنيث والضمير للصدقة وفيه نوع انقطاع للمعطوفين. قال العلماء: المعطوفان متغايران لا محالة فالتزكية مبالغة في التطهير أو هي بمعنى الإنماء كأنه تعالى جعل النقصان سببا للإنماء والزيادة والبركة، أو المراد بالتزكية تعظيم شأنهم والإثناء عليهم. قال أبو حنيفة: ظاهر الآية يدل على أن الزكاة طهرة للآثام فلا تجب إلا حيث يمكن حصول الآثام وذلك لا يعلم إلا في حق البالغ العاقل دون الصبي والمجنون. وقال الشافعي: تجب الزكاة في مالهما لأنه لا يلزم من انتفاء سبب معين انتفاء الحكم مطلقا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ قال ابن عباس: معناه ادع لهم. فمن هنا قال الشافعي: السنة للإمام إذا أخذ الصدقة أن يدعو للمتصدق ويقول:
أجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت. وقال آخرون بظاهر اللفظ لما
روي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أبي من أصحاب الشجرة وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل على آل فلان فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل على آل أبي أوفى.
وأكثر الأئمة الآن على أنه لا تحسن الصلاة لغير النبي على غيره إلا تبعا. وأطلق بعضهم- كالغزالي وإمام الحرمين- لفظ الكراهة وقالوا: السلام أيضا في معنى الصلاة.
وأما الشيعة فإنهم يذكرون الصلاة والسلام في حق آل الرسول أيضا كعلي وأولاده عليه السلام وهم على العموم من القرشيين بنو هاشم والمطلب دون بني أمية وبني نوفل وغيرهم. قالوا: لأنها كانت جائزة في حق من يؤدي الزكاة فكيف يمتنع ذكره أو لا يحسن