للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه عرفوها، والمعنى لعلهم يعرفون حق ردّها. أما السبب الذي لأجله أمر يوسف بذلك فقيل: ليعلموا كرم يوسف فيبعثهم ذلك على المعاودة. وقيل: خاف أن لا يكون عند أبيه من البضاعة ما يدعوهم إلى الرجوع، أو أراد به التوسعة على أبيه لأن الزمان كان زمان قحط، أو لأن أخذ ثمن الطعام من أبيه وإخوته لؤم، أو أراد أن يرجعوا ليعرفوا سبب الرد لأنهم أولاد الأنبياء فيحترزوا أن يكون ذلك على سبيل السهو، أو أراد أن يحسن إليهم على وجه لا يلحقهم عيب ولا منة فلا يثقل على أبيه إرسال أخيه. وقيل: يَرْجِعُونَ متعد أي لعلهم يردونها. قالُوا: يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ أرادوا قول يوسف فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ لأن إنذار المنع بمنزلة المنع يؤيده قراءة من قرأ نَكْتَلْ بالنون أي نرفع المانع ونأخذ من الطعام ما نحتاج إليه، ويحتمل أن يراد بالمنع أنهم إذا طلبوا الطعام لأبيهم والأخ المخلف فلعله منع من ذلك، ويقوّي هذا الاحتمال قراءة الغيبة أي يكتل أخونا فينضم اكتياله إلى اكتيالنا. قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ ضمنوا كونهم حافظين له فقال يعقوب: إنكم ذكرتم مثل هذا الكلام في يوسف فهل يكون أماني الآن إلا كأماني فيما قبل يعني كما لم يحصل الأمان وقتئذ فكذا الآن. والظاهر أن هاهنا إضمارا والتقدير فتوكل على الله فيه ودفعه إليهم وقال: فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وحافِظاً نصب على التمييز واحتمل الثاني الحال نحو «لله درّه فارسا» وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أرجو أن لا يجمع عليّ مصيبتين. وقيل: إنه تذكر يوسف فقال: فالله خير حافظا أي ليوسف لأنه كان يعلم أنه حي وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ هو عام في كل ما يستمتع به ويجوز أن يراد به هاهنا الطعام أو الأوعية. أما قوله ما نَبْغِي فالبغي بمعنى الطلب و «ما» نافية أو استفهامية. المعنى ما نطلب شيئا وراء ما فعل بنا من الإحسان أو ما نريد منك بضاعة أخرى أو أيّ شيء نطلب وراء هذا نستظهر بالبضاعة المردودة إلينا. وَنَمِيرُ أَهْلَنا في رجوعنا إلى الملك وَنَحْفَظُ أَخانا فما يصيبه شيء مما يخافه وَنَزْدادُ باستصحاب أخينا وسق بعير زائدا على أوساق أباعرنا فأيّ شيء نبغي وراء هذه المباغي؟!. ويجوز أن يكون البغي بمعنى الكذب والتزيد في القول على أن «ما» نافية أي ما نكذب فيما وصفنا لك من إحسان الملك وإكرامه، وكانوا قالوا له: إنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا تلك الكرامة. قال في الكشاف: فعلى هذا التفسير لا يكون قوله: وَنَمِيرُ معطوفا على معنى قوله: هذِهِ بِضاعَتُنا وإنما يكون قوله: هذِهِ بِضاعَتُنا بيانا لصدقهم، وقوله: وَنَمِيرُ معطوفا على ما نَبْغِي أو يكون كلاما مبتدأ أي ونبغي أن نمير كما تقول: سعيت في حاجة فلان ويجب أو ينبغي أن أسعى ويجوز أن يراد ما نبغي

<<  <  ج: ص:  >  >>