جميعا. فهذه أقسام سبعة والعقل الصريح لا يشك في استحالة خمسة أقسام منها في الخارج: الأول واجب العدم لذاته فقط، الثاني واجب الوجود لذاته وواجب العدم في ذاته معا، الثالث واجب الوجود لذاته وممكن الوجود والعدم لذاته، والرابع واجب العدم لذاته وممكن الوجود والعدم لذاته، الخامس واجب الوجود لذاته وواجب العدم لذاته وممكن الوجود والعدم في ذاته. ثم نقول: إن العقل كما لا يشك في استحالة الوجود الخارجي لهذه الأقسام الخمسة ينبغي أن لا يشك في وجود الواجب لذاته فقط في الخارج، لأنه لو لم يكن موجودا في الخارج كان معدوما في الخارج. فإن كان عدمه لذاته كان من القسم الثاني من الممتنعات، وإن كان لغيره كان من القسم الثالث منها وكلاهما محال إذ المفروض خلاف ذلك فثبت كونه موجودا في الخارج بالضرورة وهو المطلوب، فهذه طريقة عذراء تيسرت لنا من غير احتياج إلى دور وتسلسل يرد عليها المنوع المشهورة.
وجه ثان: الموجود في الخارج إما واجب أو ممكن، وهذه قضية اتفقوا على ضروريتها لأنها إن كان مستغنيا عن المؤثر في وجوده الخارجي فواجب وإلا فممكن فنقول: إن كانت القسمة قسمة تنويع حتى يكون المعنى أن الموجود في الخارج هذان النوعان فقد ثبت وجود الواجب في الخارج بالضرورة وهو المطلوب، وإن كانت القسمة قسمة انفصال ولا محالة تكون مانعة الخلو فقط. أما كونها مانعة الخلو فلاستحالة العقل رفعهما معا في الخارج ضرورة ثبوت موجود ما في الخارج بالضرورة، وأما أنها ليست بمانعة الجمع فلأن الممكن موجود بالضرورة ولا منافاة بين وجود الواجب ووجود الممكن بالضرورة وإلا لم يستدل العقلاء من وجود الممكن على إثبات الواجب، بل يستدلون منه على نفيه. وإذا كان الجمع بين الواجب والممكن ممكنا في الوجود والممكن موجود بالضرورة مع أنه مفتقر في وجوده إلى مؤثر موجود، فلأن يكون الواجب موجودا يكون أولى بالضرورة لاستغنائه عن المؤثر وكون ذاته كافية في إيجاب الوجود له وهذه مقدمة جلية مكشوفة لمن تأمل في مفهوم واجب الوجود إذ لا معنى لوجوب الوجود إلا أنه وجود يوجد البتة من تلقاء نفسه ومع قطع النظر عما سواه ولهذا قال المحققون: إن الوجود يقع على الواجب وعلى الممكن بالتشكيك بمعنى أنه في الواجب أولى وأولى منه في الممكن.
وجه ثالث: طبيعة الواجب وطبيعة الممكن من حيث ذاتاهما يشتركان في صحة وجودهما الخارجي بالضرورة، ويفترقان في أن الواجب ذاته كافية في إيجاب الوجود له.
والممكن لا يكفي فيه ذلك بل يحتاج في إيجاب وجوده الخارجي إلى الغير، ولا ريب أن