أفاعيله إلى غيره خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ لا علم لها ولا فعل فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ يدعي الشركة معه في الوجود. والأفاعيل والأنعام أي الصفات الحيوانية خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ لأنها المودعة في جبلتكم وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ باستفادة بدل ما يتحلل وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ في أوقات الفترات وأزمنة الاستراحات وَتَحْمِلُ أثقال أرواحكم وهي أعباء الأمانة إلى بلد عالم الجبروت إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. إذا أفنيتم أنفسكم في جبروته يبقيكم ببقاء عظموته وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ أي صفاتها خلقت فيكم لأنها مراكب الروح عند السير إلى عالم الجبروت وَزِينَةً عند رجوعه بالجذبة إلى مستقره الذي أهبط منه وَيَخْلُقُ فيكم حينئذ ما لا تَعْلَمُونَ وهو قبول فيض الله بلا واسطة. وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ بجذبة ارْجِعِي وَمِنْها جائِرٌ يعني نفوسكم تحيد عن الفناء وبذل الوجود هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ من سماء الكرم ماء الفيض مِنْهُ شَرابٌ المحنة لقلوبكم وَمِنْهُ شَجَرٌ القوى البشرية ودواعيها فِيهِ ترعون مواشي نفوسكم يُنْبِتُ لَكُمْ زرع الطاعات وزيتون الصدق ونخيل الأخلاق الحميدة وأعناب الواردات الربانية، ومن كل ثمرات المعقولات والمشاهدات والمكاشفات. وَسَخَّرَ لَكُمُ ليل البشرية ونهار الروحانية وشمس الروح وقمر القلب ونجوم الحواس والقوى، وتسخيرها استعمالها على وفق الشريعة وقانون الطريقة وَما ذَرَأَ لَكُمْ في أرض جبلتكم من الاستعدادات يتلون في كل عالم بلونه من عوالم الملكية والشيطانية والحيوانية وسَخَّرَ لكم بحر العلوم لِتَأْكُلُوا مِنْهُ الفوائد الغيبية السنية الطريقة وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ جواهر المعاني فيلبس بها أرواحكم النور والبهاء. وترى فلك الشرائع والمذاهب جواري في بحر العلوم لتبتغوا الأسرار الخفية عن الملائكة. وألقى في أرض البشرية جبال الوقار والسكينة لئلا تميد بكم صفات البشرية عن جادّة الشريعة والطريقة، وأنهارا من ماء الحكمة وسبلا إلى الهداية والعناية، وعلامات من الشواهد والكشوف، وبنجم الجذبة الإلهية هم يهتدون فيخرجون من ظلمات الوجود المجازي إلى نور الوجود الحقيقي. أفمن يخلق الله فيه هذه الكمالات كمن لا يخلقها فيه من الملائكة وغيرهم وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [إبراهيم: ٣٤] وهي قسمان: نعمة الأعطاف وهي ما يتعلق بوجود النعمة ظاهرة وباطنة، ونعمة الألطاف وهي ما يتعلق بوجود المنعم من الذوات والصفات وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ من أداء شكر نعمه بالقلوب وَما تُعْلِنُونَ من أداء الشكر بالأجساد وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الهوى والدنيا لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً من المنافع وَهُمْ يُخْلَقُونَ بتعب الطلب في تحصيلها ولهذا قال: أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يبعثها دواعي البشرية فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ بما في عالم