للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السقف عليهم بعد هدم القواعد. وفائدة زيادة قوله: مِنْ فَوْقِهِمْ التنصيص على أن الأبنية تهدمت وهم ماتوا تحتها، وعلى الثاني يكون الكلام محض التمثيل والمراد أنهم سوّوا منصوبات وحيلا ليمكروا بها رسل الله، فجعل الله هلاكهم في تلك الحيل كحيل قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين، فأتي البنيان من الأساطين بأن ضعفت فسقط عليهم السقف فهلكوا ونحوه

«من حفر بئرا لأخيه فقد وقع فيه»

وبعبارة أخرى

«من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا» .

ثم بين أن عذابهم غير مقصور على عذاب الدنيا بل الله تعالى يخزيهم يوم القيامة بإدخالهم النار إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ [آل عمران: ١٩٢] وَيَقُولُ مع ذلك لأجل الإهانة والتوبيخ أَيْنَ شُرَكائِيَ الإضافة لأدنى الملابسة أو هي حكاية لإضافتهم استهزاء وتوبيخا الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ تخاصمون المؤمنين في شأنهم. ومن قرأ بكسر النون فعلى حذف ياء المتكلم لأن مشاقة المؤمنين مشاقة الله. ثم ذكر على سبيل الاستئناف قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ عن ابن عباس هم الملائكة. وقال الآخرون: هم الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يعظونهم ولا يلتفتون إليهم فيقولون ذلك يوم القيامة شماتة بهم. قالت المرجئة قولهم: إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ يدل على أن ماهية الخزي والسوء مختص بالكافرين فينتفي عن غيرهم. أما قوله: فَأَلْقَوُا السَّلَمَ فعن ابن عباس: المراد أنهم أسلموا وأقروا بالعبودية عند الموت. وقيل: إنه في يوم القيامة. وقولهم: ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ أرادوا الشرك قالوه على وجه الكذب والجحود، ومن لم يجوز الكذب على أهل القيامة قال: أرادوا في اعتقادهم وظنونهم فرد عليهم أولو العلم أو الملائكة بقولهم: بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في الدنيا فلا ينفعكم هذا الكذب وإنه يجازيكم على الكفر الذي علمه منكم. قال في الكشاف: وهذا أيضا من الشماتة وكذلك فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ وفي ذكر الأبواب إشارة إلى تفاوت منازلهم في دركات جهنم. ثم قال: فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ عن قبول التوحيد وسائر ما أتت به الأنبياء. والفاء للعطف على فاء التعقيب في فَادْخُلُوا واللام للتأكيد يجري مجرى القسم موافقة لقوله بعد ذلك وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ولا نظير لهما في كل القرآن.

ثم أتبع أوصاف الأشقياء أحوال السعداء فقال: وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الآية. وإنما ذكر الجواب هاهنا بالنصب ليكون الجواب مطابقا مكشوفا بينا من غير تلعثم أي أنزل خيرا أو قالُوا خَيْراً لا شرا كما قاله الكفار، أو قالوا قولا خيرا ولو رفعوا لأوهم أنه كلام مستأنف كما في جواب الكفار وليس بمنزل. روي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام

<<  <  ج: ص:  >  >>