الذي لا يحسن الكلام. وروى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه الذي لا يسمع ولا يبصر.
وقوله: وَهُوَ كَلٌّ عَلى مَوْلاهُ أصله من الغلظ الذي هو نقيض الحدة. يقال: كلّ السكين إذا غلظت شفرته، وكلّ اللسان إذا غلظ فلم يقدر على الكلام، وكلّ فلان عن الكلام إذا ثقل عليه ولم ينبعث فيه، وفلان كلّ على مولاه أي ثقيل وعيال على من يلي أمره.
وقوله: أَيْنَما يُوَجِّهْهُ حيثما يرسله لا يَأْتِ بِخَيْرٍ لم ينجح في مطلبه. والتوجيه أن ترسل صاحبك في وجه معين من الطريق هَلْ يَسْتَوِي هُوَ أي الموصوف بهذه الصفات المذكورة. وَمَنْ يَأْمُرُ الناس بِالْعَدْلِ وَهُوَ في نفسه عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ على سيرة صالحة ودين قويم غير منحرف إلى طرفي الإفراط والتفريط. ولا شك أن الآمر بالعدل يجب أن يكون عالما حتى يمكنه التمييز بين العدل والجور، قادرا حتى يتأتى منه الإتيان بالخير والأمر به، وكلا الوصفين يناقض كونه أبكم لا يقدر. قال مجاهد: هذا مثل لإله الخلق وما يدعى من دونه. أما الأبكم فمثل الصنم لأنه لا ينطق البتة ولا يقدر على شيء وهو كلّ على عابديه لأنه لا ينفق عليهم وهم ينفقون عليه وإلى أيّ مهم يوجه الصنم لا يأتي بخير، وأما الذي يأمر بالعدل فهو الله سبحانه. وروى الواحدي بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: نزلت الآية المتقدمة في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سرا وجهرا، ومولاه أبو الحوار الذي كان ينهاه عنه. وهذه الآية نزلت في سعيد بن أبي العيص وفي عثمان بن عفان مولاه. والأصح أن المقصود من الآية الأولى كل عبد موصوف بالصفات الذميمة وكل حر موصوف بالخصال الحميدة. ومن الآية الثانية كل رجل جاهل عاجز وكل من هو بضد ذلك من كونه شامل العلم كامل القدرة وليس إلا الله سبحانه فلذلك مدح نفسه بقوله: وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي يختص به علم ما غاب عن العباد فيهما، أو أراد بغيبهما يوم القيامة لأن علمه غائب عن غير الله ويؤيد هذا التفسير قوله: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ اللمح النظر بسرعة ولا بد فيه من زمان تتقلب فيه الحدقة نحو المرئي وكل زمان قابل للتجزئة فلذلك قال: أَوْ هُوَ أَقْرَبُ وليس هذا من قبيل المبالغة وإنما هو كلام في غاية الصدق لأن مدّة ما بين الخطاب وقيام الساعة متناهية، ومنها إلى الأبد غير متناه ولا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي. وقيل: معنى أمر الساعة أن إماتة الأحياء وإحياء الأموات كلهم يكون في أقرب وقت وأقله. ثم أكده بقوله:
إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
ثم زاد في التأكيد بذكر حالة أخرى للإنسان دالة على غاية قدرته ونهاية رأفته فقال:
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً قال جار الله: هو في موضع الحال أي