للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البادية لنجعة، ثم استعمل في كل شخوص لسفر. وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ لا يثقل عليكم حفظها ونقلها من مكان إلى مكان، ويمكن أن يكون اليوم على حقيقته أي يوم ترجعون خف عليكم حملها ونقلها ويوم تنزلون وتقيمون في مكان لم يثقل عليكم ضربها وَمِنْ أَصْوافِها وهي للضأن وَأَوْبارِها وهي للإبل وَأَشْعارِها وهي للمعز أَثاثاً وهو متاع البيت. قال الفراء: لا واحد له. وقال أبو زيد: الأثاث المال أجمع الإبل والغنم والعبيد والمتاع الواحدة أثاثة. قال ابن عباس: أراد طنافس وبسطا وثيابا وكسوة. وقال الخليل: أصله من أن النبات والشعر يئث إذا كثر. قيل: إنه تعالى عطف قوله: وَمَتاعاً على أَثاثاً فوجب أن يتغايرا فما الفرق؟ وأجيب بأن الأثاث ما يكتسي به المرء ويستعمله من الغطاء والوطاء. والمتاع ما يفرش في المنازل ويتزين به. قلت: لا يبعد أن يراد بالأثاث والمتاع ما هو الجامع بين الوصفين كونه أثاثا وكونه مما يتمتع به إِلى حِينٍ أي إلى أن تقضوا أوطاركم منه أو إلى أن تبلى وتفنى أو إلى الموت أو إلى القيامة.

ثم إن المسافر قد لا يكون له خيام وأبنية يستظل بها لفقر أو لعارض آخر فيحتاج إلى أن يستظل بشجر أو جدار أو غمام ونحوها فلذلك قال: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وقد يحتاج المسافر إلى حصن يأوي إليه في نزوله وإلى ما يدفع به عن نفسه آفات الحر والبرد وسائر المكاره وكذا المقيم فلذلك منّ بقوله: وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً هي جمع «كن» وهو ما يستكن به ويتوقى بسببه الأمطار كالبيوت المنحوتة في الجبال وكالغيران والكهوف وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وهي القمصان والثياب من الصوف والقطن والكتان وغيرها. وإنما لم يذكر البرد لأن الوقاية من الحر أهم عندهم لغلبة الحرارة في بلادهم على أن ذكر أحد الضدين يغني في الأغلب عن ذكر الآخرة لتلازمهما في الخطور بالبال غالبا بشهادة الوجدان. قال الزجاج: كل ما لبسته فهو سربال فعلى هذا يشمل الرقيق والكثيف والساذج والمحشوّ من الثياب وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كالدروع والجواشن كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ أي مثل ما خلق هذه الأشياء لكم وأنعم بها عليكم فإنه يتم نعم الدين والدنيا لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ قال ابن عباس: لعلكم يا أهل مكة تخلصون لله الربوبية وتعلمون أنه لا يقدر على هذه الإنعامات سواه. وعنه أنه قرأ بفتح التاء واللام من السلامة أي تسلم قلوبكم من الشرك، أو تشكرون فتسلمون من العذاب. وقيل: تسلمون من الجرح بلبس الدروع فَإِنْ تَوَلَّوْا فقد تمهد عذرك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ وليس إليك الهداية. ثم ذمهم بأنهم يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ التي عددناها حيث يعترفون بها وبأنها من عند الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها بعبادة غير من أنعم بها وبقولهم هي من الله ولكنها بشفاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>