و ٤٧ والنور: ٥٧] بفتح السين وكسرها. السادس: اختلاف الإعراب نحو: ما هذا بَشَراً [يوسف: ٣١] وقرأ ابن مسعود «بشر» بالرفع. السابع: التفخيم والإمالة وهذا اختلاف في اللحن والتزيين لا في نفس اللغة، والتفخيم أعلى وأشهر عند فصحاء العرب.
فهذه الوجوه السبعة التي بها اختلفت لغات العرب قد أنزل الله باختلافها القرآن متفرقا فيه ليعلم بذلك أن من زلّ عن ظاهر التلاوة بمثله، أو من تعذّر عليه ترك عادته فخرج إلى نحو مما قد نزل به فليس بملوم ولا معاقب عليه. وكل هذا فيما إذا لم تختلف فيه المعاني فإن قيل: فما قولكم في القراآت التي تختلف بها المعاني؟ قلنا: إنها صحيحة منزلة من عند الله ولكنها خارجة من هذه السبعة الأحرف، وليس يجوز أن يكون فيما أنزل الله من الألفاظ التي تختلف معانيها ما يجري اختلافها مجرى التضاد والتناقض، لكن مجرى التغاير الذي لا تضاد فيه. ثم إنها تتجه على وجوه: فمنها أن يختلف بها الحكم الشرعي على المبادلة بمنزلة قوله: وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة: ٦] بالجر والنصب جميعا، وإحدى القراءتين تقتضي فرض المسح والأخرى فرض الغسل، وقد بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: فجعل المسح للابس الخف في وقته، والغسل لحاسر الرجل وهذا الضرب هو الذي لا تجوز قراءته إلا إذا تواتر نقله وثبت من الشارع بيانه، وليس يعذر من زل في مثله عما هو المنزل حتى يراجع الصواب ويفزع إلى الاستغفار. وقد يكون ما يختلف الحكم فيه على غير المبادلة لكن على الجمع بين الأمرين بمنزلة وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة: ٢٢٢] من الطهر و «حتى يطّهرن» مشددة الطاء من التطهّر، فإن القراءتين هاهنا تقتضيان حكمين مختلفين يلزم الجمع بينهما، وذلك أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع حيضها وحتى تطهر بالاغتسال. ولا تجوز القراءة في أمثال هذه إلا بالنقل الظاهر. ومن زل في مثله إلى ما يقتضي أمرا وقد علم ثبوته ولم يقرأ به، لم يلزمه فيه حرج كقوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء: ٣٢] لو صحّفه أحد فقرأه «الربا» بالراء، والباء من الربا في المال، فإنه منهي عنه كالزنا فإن كان عدوله عن ظاهر التلاوة على سبيل التعمّد فهو ملوم على ذلك. وأما التضاد والتنافي فغير موجود في كتاب الله. والنسخ ليس من هذا القبيل لأن اتحاد الزمان شرط التنافي وعند ورود الناسخ ينتهي المنسوخ، ويتبين أن في علم الله حكم المنسوخ كان مؤجلا إلى ورود الناسخ، والله أعلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم:«لكل آية ظهر وبطن»
أي ظاهر وباطن، فالظاهر ما يعرفه العلماء، والباطن ما يخفى عليهم. فنقول في ذلك كما أمرنا ونكل علمه إلى الله تعالى وقيل: هو أن نؤمن به باطنا كما نؤمن به ظاهرا.