للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا الاسم أو بهذا، وعلى السبب الثاني اذكروا إما هذا وإما هذا أَيًّا ما تَدْعُوا يعني أي هذين الاسمين سميتم وذكرتم فالتنوين عوض عن المضاف إليه «وما» صلة زيدت لتأكيد الإبهام. والضمير «في فَلَهُ لا يرجع إلى أحد الاسمين ولكن إلى مسماهما، وكان أصل الكلام أن يقال: فهو أي ذلك الاسم حسن فوضع موضعه. قوله: فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى لأنه إذا حسنت أسماؤه كلها حسن هذان الاسمان. ومعنى حسن الأسماء استقلالها بنعوت الجلال والإكرام وقد مر في آخر «الأعراف» .

ثم ذكر كيفية أخرى للدعاء فقال: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ أي بقراءة صلاتك على حذف المضاف للعلم بأن الجهر والمخافتة من نعوت الصوت لا الصلاة أفعالها فهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء، ومنه يقال: خفت صوته خفوتا إذا انقطع كلامه أو ضعف وسكن، وخفت الزرع إذا ذبل، وخافت الرجل بقراءته إذا لم يبين قراءته برفع الصوت.

روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع صوته لعله

أو من إطلاق الصلاة على بعض أفعالها فهو ألح تأمل. مصححه بالقراءة، فإذا سمعه المشركون سبوه وسبوا من جاء به فأوحى الله إليه وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ فيسمعه المشركون فيسبوا الله عدوا بغير علم وَلا تُخافِتْ بِها فلا تسمع أصحابك وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ الذي ذكر من الجهر المخافتة سَبِيلًا وسطا،

وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالليل دور الصحابة فكان أبو بكر يخفي صوته في صلاته ويقول: أناجي ربي وقد علم حاجتي.

وكان عمر يرفع صوته ويقول: أزجر الشيطان وأوقظ الوسنان. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يرفع صوته قليلا، وأمر عمر أن يخفض قليلا فنزلت الآية

على حسب ذلك. وقيل: معناه ولا تجهر بصلاتك كلها، ولا تخافت بها كلها، وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل، وتخافت بصلاة النهار، وعن عائشة وأبي هريرة ومجاهد أن الصلاة هاهنا الدعاء. وقد يروى هذا مرفوعا. قال الحسن: لا يرائي بعلانيتها ولا يسيء بسريرتها، وأيضا في الجهر إسماع غيره الذنوب وهو الموجب للتغيير والتوبيخ، وعلى هذا ذهب قوم إلى أن الآية منسوخة بقوله: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً [الأعراف: ٥٥] قال جار الله:

ابتغاء السبيل مثل لابتغاء الوجه الوسط في القراءة.

ولما أمر أن لا يذكر ولا ينادي إلا بأسمائه الحسنى نبه على كيفية التحميد بقوله:

وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الآية قال في الكشاف: كيف لاق وصفه بنفي الولد والشريك والذل بكلمة التحميد؟ وأجاب بأن هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة، فهو الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>