فولدت الإسكندر وبقي عند فيلقوس وأظهر أنه ابنه وهو في الحقيقة دارا الأكبر. وقال أبو الريحان: إنه من ملوك حمير والدليل عليه أن الأذواء كانوا من اليمن كذي يزن وغيره.
ويروى أنه ملك الدنيا بأسرها أربعة: ذو القرنين وسليمان- وهما مؤمنان- ونمرود وبختنصر- وهما كافران- واختلفوا فيه فقيل: كان عبدا صالحا ملكه الأرض وأعطاه العلم والحكمة وألبسه الهيبة وسخر له النور والظلمة، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه. وعن علي رضي الله عنه: سخر له السحاب ومدت له الأسباب وبسط له النور وأحب الله وأحبه. وسأله ابن الكواء وكان من أصحابه ما ذو القرنين أملك أم نبي؟ فقال: ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله أي في جهاده فمات، ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين وفيكم مثله يعني نفسه. قالوا: وكان ذو القرنين يدعو الناس إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله. وقيل: كان نبيا لقوله تعالى: إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ. والتمكين المعتد به هو النبوة، ولقوله وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً وظاهره العموم فيكون قد نال أسباب النبوّة، ولقوله: قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وتكليم الله بلا واسطة لا يصلح إلا للنبي. وقيل: كان ملكا من الملائكة. عن عمر أنه سمع رجلا يقول: يا ذا القرنين.
فقال: اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة.
قوله: سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ أي سأفعل هذا إن وفقني الله تعالى وأنزل فيه وحيا. والخطاب في عَلَيْكُمْ للسائلين وهم اليهود أو قريش كأبي جهل وأضرابه وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً طريقا موصلا إليه. والسبب في اللغة هو الحبل والمراد هاهنا كل ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة، وذلك أنه أراد بلوغ السدين فأتبع سببا أدى إليه. ثم إنه سبحانه شرع في نعت مسيره إلى المغرب قائلا فَأَتْبَعَ سَبَباً أي سلك طريقا أفضى به إلى سفر المغرب، ومن قرأ بقطع الهمزة فمعناه اتبع نفسه سببا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حامية أي حارة، ومن قرأ بحذف الألف مهموزا فمعناه ذات حمأة أي طين أسود، ولا تنافي بين القراءتين. فمن الجائز أن تكون العين جامعة للوصفين.
عن أبي ذر قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جمل فرأى الشمس حين غابت فقال: أتدري يا أبا ذر من أين تغرب هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم.
قال: فإنها تغرب في عين حامية.
فقال حكماء الإسلام: قد ثبت بالدلائل اليقينية أن الأرض كروية في وسط العالم، وأن السماء محيطة بها من جميع الجوانب، وأن الشمس