مِنْ قَبْلُ أي من قبل محمد والقرآن. وفي النسيان قولان: أحدهما أنه نقيض الذكر.
عن الحسن: والله ما عصي قط إلا بنسيان. والثاني أن معناه الترك وعلى هذا يحتمل أن يقال: أقدم على الأكل من غير تأويل. وأن يقال: أقدم عليه بتأويل قد مر في «البقرة» .
قال أهل الإشارة: عهد إليه أن لا يعلق نوره فانقاد للشيطان وهو النسيان. والعزم أيضا فيه أقوال: أحدها عزما على الذنب لأنه أخطأ ولم يتعمد. وثانيها عزما في العود إلى الذنب ثانيا. وثالثها رأيا وصبرا أي لم يكن من أهل العزيمة والثبات إذ كان من حقه أن يتصلب في المأمور به تصلبا يؤيس الشيطان من التسويل. قال جار الله: قوله: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ يجوز أن يكون بمعنى العلم ومفعولا هـ لَهُ عَزْماً وأن يكون بمعنى نقيض العدم كأنه قال:
وعد مثاله عزما. قوله: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ سلف في «البقرة» مستقصى قوله: إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ ذكروا في سبب عداوته إياه أنه كان شابا عالما لقوله: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها وإبليس كان شيخا جاهلا لأنه أثبت فضله بفضيلة أصله، والشيخ الجاهل أبدا يكون عدوّا للشاب العالم. وأيضا الماء والتراب مضادان للنار فَلا يُخْرِجَنَّكُما فلا يكون سببا لإخراجكما لأن الفاعل الحقيقي هو الله سبحانه فَتَشْقى فتتعب في طلب القوت وسائر ما يتعيش به الإنسان أسند الشقاء إليه وحده مع اشتراكهما في الخروج لأن الرجل أصل في باب الإنفاق والكسب والمرأة تابعة له.
ثم بين ذلك الشقاء بقوله: إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها إلى آخره. والظمأ العطش وتقول: ضحيت للشمس بالكسر أضحى ضحاء ممدودا إذا برزت لها. والمراد به الكن مع أن الجنة ليس فيها شمس حتى يتصور فيها الضحاء، نفى كون هذه الأمور في الجنة ليثبت حصولها في غيرها. ولا ريب أن أصول المتاعب في الدنيا هي: الشبع والري والكسوة والكن. وأما المنكوح فمشترك إلا أن مؤن النكاح تختص بالدنيا وأنها أيضا ترجع إلى المذكورات.
يروى أنه كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع.
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ أنهى إليه وسوسة كما مر في «الأعراف» .
بيان الوسوسة أنه قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ أضافها إلى الخلد وهو الخلود لأن من أكل منها بزعمه كما قيل لحيزوم فرس الحياة لأنه من باشر أثره حيي وَمُلْكٍ لا يَبْلى أي لا ينقطع ولا يزول. قال القاضي: ليس في الظاهر أنه قيل ذلك منه لأنه لا بد أن يحصل بين حال التكليف وحال المجازاة فصل بالموت، والنبي يمتنع أن لا يعلم هذا القدر. وأجيب بالمنع ولو سلم فلم لا يكفي الفصل بغشي أو نوح خفيف. ولو سلم أنه لا يكفي فلم استحال أن يجهل النبي ذلك كما جهل عدم جواز الرؤية زعمكم حين قال: أَرِنِي