للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية على الفريقين. والرزق الحسن نعيم الجنة. وعن الكلبي: هو الغنيمة لأنها حلال.

وقال الأصم: العلم والفهم كقول شعيب وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً [هود: ٨٨] وضعف الوجهان بأنهما ممتنعان بعد القتل أو الموت. قال العلماء: وإنما تظهر هذه الفضيلة للمهاجرين في مزيد الدرجات وإلا فلا بد من شرط اجتناب الكبائر كما في حق غيرهم.

وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لأن رزق غيره ينتهي إليه وغيره لا يقدر على مثل رزقه، ولأن رزقه لا يختلط بالمن والأذى ولا بغرض من الأغراض الفاسدة، ولأنه يرزق ويعطي ما به يتم الانتفاع بالرزق من القوى والحواس وغير ذلك من الشرائط الوجودية والعدمية. قالت المعتزلة: في الآية دلالة على أن غير الله يقدر على الفعل وهو الرزق. ويمكن أن يجاب بأنه مجاز أو على سبيل الفرض والتقدير. وليس في الآية دليل ظاهر على أن المهاجر المقتول والمهاجر الميت على فراشه هل يستويان في الأجر أم لا بل المعلوم منها هو الجمع بينهما في الوعد. وقد يستدل على التسوية بما

روي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «المقتول في سبيل الله والمتوفي في سبيل الله بغير قتل هما في الأجر شريكان»

فإن لفظ الشركة مشعر بالتسوية.

وحين بين رزقهم شرع في ذكر مسكنهم. قيل: في المدخل الذي يرضونه خيمة من درة بيضاء لا فصم فيها ولا وصم، لها سبعون ألف مصراع. وقال أبو القاسم القشيري: هو أن يدخلهم الجنة من غير مكروه تقدم. وقال ابن عباس: يرون في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فيرضونه ولا يبغون عنها حولا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ بدرجات العاملين ومراتب استحقاقهم حَلِيمٌ عن تفريط المفرط منهم فيمهله حتى يتوب فيدخل الجنة. ثم بين أنه مع إكرامه لهم في الآخرة لا يدع نصرهم في الدنيا قبل أن يقتلوا أو يموتوا فقال ذلِكَ قال الزجاج: أي الأمر ما قصصنا عليكم من إنجاز الوعد للمهاجرين خاصة إذا قتلوا أو ماتوا. عن مقاتل: أن قوما من المشركين لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فقالوا: إن أصحاب محمد يكرهون القتال في الشهر الحرام فاحملوا عليهم، فناشدهم المسلمون أن يكفوا عن قتالهم لحرمة الشهر فأبوا وقاتلوهم فذلك بغيهم عليهم وثبت لهم المسلمون فنصروا، فوقع في أنفس المسلمين شيء من القتال في الشهر الحرام فنزل وَمَنْ عاقَبَ أي قاتل بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ أي كما ابتدئ بقتاله سمى الابتداء باسم الجزاء للطباق وللملابسة من حيث إن ذلك سبب وهذا مسبب عنه ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ أي ثم كان المجازي مبغيا عليه أي مظلوما. ومعنى «ثم» تفاوت الرتبة لأن كونه مبدوأ بالقتال معه نوع ظلم كما قيل «البادي أظلم» وهو موجب لنصرته ظاهرا إلا أن كونه في نفس

<<  <  ج: ص:  >  >>