النفس عن الأخلاق الذميمة بل عن حب الدنيا لأنه رأس كل خطيئة إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ في كلمة «على» دلالة على أنهم يجب أن يستولوا على الأزواج لا بالعكس وإلا كن عدوّا لهم كقوله إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن: ١٤] وعلامة الاستيلاء على الأزواج أن يبتغي بالنكاح النسل ورعاية السنة في أوانها لا حظ النفس وإلا كان متجاوزا طريق الكمال لأمانتهم يعني التي حملها الإنسان وَعَهْدِهِمْ هو عهد الميثاق في الأزل يحافظون الفرق بين المحافظة والخشوع، أن الخشوع معتبر في نفس الصلاة، والمحافظة معتبرة فيها وفيما قبلها من الشرائط وفيما بعدها وهو أن لا يفعل ما يحبطها ويضيعها الوارثون لأنهم أحياء القلوب وقد نالوا من المراتب ما خلفتها أموات القلوب مِنْ سُلالَةٍ لأنه سل من جميع أجزاء الأرض فجاء مختلف الألوان والأخلاق حسب اختلاف أجزاء الطين. بل بحسب اختلاف المركبات من الطين. ففيه حرص الفأرة والنملة، وشهوة الحمار والعصفور، وغضب الفهد والأسد، وكبر النمر، وبخل الكلب، وشره الخنزير، وحقد الحية، وغير ذلك من الصفات الذميمة. وفيه شجاعة الأسد، وسخاوة الديك، وقناعة البوم، وحلم الجمل، وتواضع الهرة، ووفاء الكلب، وبكور الغراب، وهمة البازي ونحوها من الأخلاق الحميدة فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ لأنه خلق أحسن المخلوقين. أما من حيث الصورة فلأنه تعالى خلق من نطفة متشابهة الأجزاء بدنا مختلف الأبعاض والأعضاء كاللحم والشحم والعظم والعروق والشعر والظفر والعصب والعروق والمخ والأنف والفم واليد والرجل وغيرها مما يشهد لبعضها علم التشريح. وأما من حيث المعنى فلأنه خلق الإنسان مستعدا لحمل الأمانة التي أبى حملها السموات والأرض والجبال وسيجيء تحقيق ذلك في موضعه ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ إلى قوله تُبْعَثُونَ فيه أن الإنسان قابل لموت القلب ولموت النفس ولحشرهما. وفي موت أحدهما حياة الآخر وحشره. وموت القلب عبارة عن انغماسه وتستره في حجب الغواشي الآتية عليه من طرق الحواس الظاهرة وحاستي الوهم والخيال فلذلك قال وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ هي الأغشية والحجب من الجهات المذكورة وَما كُنَّا عَنِ مصالح الْخَلْقِ غافِلِينَ فلا نترك العبد في تلك الحجب بدليل قوله وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ سماء العناية ماءً الرحمة بِقَدَرٍ استعداد السالك فَأَسْكَنَّاهُ في أرض وجوده فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ المعارف وَأَعْنابٍ الكشوف وشجرة الخفي الذي يخرج من طور سيناء الروح بتأثير تجلي أنوار الصفات تَنْبُتُ بدهن حسن الاستعداد لقبول الفيض الإلهي بلا واسطة لأنه سر بين الله وبين الروح. وَصِبْغٍ لآكل الكونين بقوة الهمة. ثم أخبر عن نعم الغالب أن فيها منافع