فقال صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه. فقالت: يا رسول الله أليس هو أعمى لا يبصرنا؟ فقال: أعمياوان أنتما ألستما تبصرانه؟
وإن كان محرما لها فعورته معها ما بين السرة والركبة، وإن كان زوجها أو سيدها الذي يحل له وطؤها فلها أن تنظر إلى جميع بدنه غير أنه يكره النظر إلى الفرج كهو معها. ولا يجوز للرجل أن يجلس عاريا في بيت خال وله ما يستر عورته لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك
فقال: الله أحق أن يستحي منه. وعنه «إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله»«١»
ولما كان النظر بريد الزنا ورائد الفجور أمر بغض الأبصار أولا ثم بحفظ الفروج عن الزنا والفجور ثانيا. وعن أبي العالية أن كل ما في القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا إلّا هذا فإنه أراد الاستثناء وأن لا ينظر إلى الفروج أحد، وعلى هذا ففائدة التخصيص بعد التعميم أن يعلم أن أمر الفرج أضيق. وحين خص الخطاب في أول الآية بالمؤمنين ذكر أن ذلك الذي أمر به من غض البصر وحفظ الفرج أزكى لهم لأنهم يتطهرون بذلك من دنس الآثام، ويستحقون الثناء والمدح، وهذا لا يليق بالكافر. وفي قوله إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ولا ثاني له في القرآن إشارة إلى وجوب الحذر في كل حركة وسكون. وتفسير قوله وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ يعلم من التفصيل المتقدم. أما قوله وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ فمن الأحكام التي تختص بالنساء في الأغلب. وقد يحرم على الرجل إبداء زينته للنساء الأجنبيات إذا كان هناك فتنة. قال أكثر المفسرين: الزينة هاهنا أريد بها أمور ثلاثة: أحدها الأصباغ كالكحل والخضاب بالوسمة في حاجبيها والحمرة في خديها والحناء في كفيها وقدميها. وثانيها الحلي كالخاتم والسوار والخلخال والدملج والقلائد والإكليل والوشاح والقرط. وثالثها الثياب.
وقال: آخرون: الزينة اسم يقع على محاسن الخلق التي خلقها الله تعالى وعلى ما يتزين به الإنسان من فضل لباس أو حلي وغير ذلك. يدل على ذلك أن كثيرا من النساء يتفردن بخلقهن عن سائر ما يعدّ زينة. وفي قوله وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ إشارة إلى ذلك وكأنه تعالى منعهن من إظهار محاسن خلقهن فأوجب سترها بالخمار. قال القفال:
بناء على هذا القول معنى قوله إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها إلا ما يظهره الإنسان على العادة الجارية وذلك في النساء الحرائر الوجه والكفان، وفي الإماء كل ما يبدو عند المهنة. وفي صوتها خلاف، الأصح أنه ليس بعورة لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يروين الأخبار للرجال. وأما الذين