اللوح. وقيل: الكتاب المنزل الذي فيه الوحي والشرائع. وقيل: كتاب سليمان أو كتاب بعض الأنبياء. وما ذلك العلم؟ قيل: نوع من العلم لا يعرف الآن. والأكثرون على أنه العلم باسم الله الأعظم وقد مر في تفسير البسملة كثير مما قيل فيه. ومما وقفت عليه بعد ذلك أن غالب بن قطان مكث عشرين سنة يسأل الله الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فأري في منامه ثلاث ليال متواليات: قل يا غالب يا فارج الهم يا كاشف الغم يا صادق الوعد يا موفيا بالعهد يا منجز الوعد يا حي يا لا إله إلا أنت صل اللهم على محمد وآل محمد وسلم. والطرف تحريك الأجفان عند النظر فوضع موضع النظر فإذا فتحت العين توهمت أن نور العين يمتد إلى المرئي وإذا غمضت توهمت أن ذلك النور قد ارتدّ، فمعنى الآية أنك ترسل طرفك إلى شيء فقبل أن ترده أبصرت العرش بين يديك. يروى أن آصف قال له: مدّ عينك حتى ينتهي طرفك فمدّ عينه فنظر نحو اليمن ودعا آصف فغاص العرش في مكانه ثم ظهر عند مجلس سليمان بالشام بقدرة الله قبل أن يرتدّ طرفه. ومن استبعد هذا في قدرة الله فليتأمل في الحركات السماوية على ما يشهد به علم الهيئة حتى يزول استبعاده.
وقال مجاهد: هو تمثيل لاستقصار مدة الإتيان به كما تقول لصاحبك: افعل هذا في لحظة أو لمحة. وحين عرف سليمان نعمة الله في شأنه وأن ذلك صورة الابتلاء بين أن شكر الشاكر إنما يعود إلى نفس الشاكر لأنه يرتبط به العتيد ويطلب المزيد كما قيل: الشكر قيد للنعمة الموجودة وصيد للنعمة المفقودة. وروي في الكشاف عن بعضهم أن كفران النعمة بوار وقلما أقشعت نافرة فرجعت في نصابها، فاستدع شاردها بالشكر واستدم راهنها بكرم الجوار. قوله «أقشعت نافرة» أي ذهبت في حال نفارها وراهنها أي ثابتها. وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ عن عبادة كل عابد فضلا عن شكر شاكر كَرِيمٌ لا يقطع إمداد نعمه عنه لعله يتوب ويصلح حاله. زعم المفسرون أن الجن كرهوا أن يتزوّجها سليمان فتفضي إليه بإسرارهم لأنها كانت بنت جنية، أو خافوا أن يولد له منها ولد تجمع له فطنة الجن والإنس فيخرجون من ملك سليمان إلى ملك هو أشد فقالوا له: إن في عقلها شيئا وهي شعراء الساقين ورجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش وذلك قوله نَكِّرُوا لَها عَرْشَها أي اجعلوه متنكرا متغيرا عن هيئته وشكله كما يتنكر الرجل لغيره لئلا يعرفه. قالوا:
وسعوه وجعلوا مقدمه مؤخره وأعلاه أسفله. وقوله نَنْظُرْ بالجزم جواب للأمر وقرىء بالرفع على الاستئناف. أَتَهْتَدِي لمعرفة العرش أو للجواب الصائب إذا سئلت عنه أو للدين والإيمان بنبوة سليمان إذا رأت تلك الخوارق. وقوله أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ أبلغ من أن لو قال «أم لا تهتدي» كما مر في قوله أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ