إلا من اطمأن ورضي بها. قال ابن عباس: كان حبه ذلك شركا لأنه ما كان يخاف معه عقوبة الله تعالى. وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ من المال والثروة الدَّارَ الْآخِرَةَ يعني أسباب حصول سعاداتها من أصناف الخيرات والمبرات الواجبة والمندوبة فإن ذلك هو نصيب المؤمن من الدنيا دون الذي يأكل ويشرب، وإلى هذا أشار بقوله وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا
ويحتمل أن يراد به اللذات المباحة. وحين أمروه بالإحسان المالي أمروه بالإحسان مطلقا ويدخل فيه الإحسان بالمال والجاه وطلاقة الوجه وحسن الغيبة والحضور. وفي قوله كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ إشارة إلى قوله تعالى لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم: ٧] وإلى ما قال الحكماء: المكافأة في الطبيعة واجبة. والْفَسادَ فِي الْأَرْضِ المنهي عنه هو ما كان عليه من الظلم والبغي. وهذا القائل موسى عليه السلام أو مؤمنو قومه وهو ظاهر اللفظ.
وكيف كان فقد جمع في هذه الألفاظ من الوعظ ما لو قبل لم يكن عليه مزيد لكنه أبى أن يقبل بل تلقى النصح بكفران النعمة قائلا إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي قال قتادة ومقاتل والكلبي: كان قارون أقرأ بني إسرائيل للتوراة فقال: إنما أوتيته لفضل علمي واستحقاقي لذلك. وقال سعيد بن المسيب والضحاك: إن موسى أنزل عليه الكيمياء من السماء فعلم قارون ثلث العلم ويوشع ثلثه وطالوت ثلثه، فخدعهما قارون حتى أضاف علمهما إلى علمه، وكان يأخذ الرصاص والنحاس فيجعلهما ذهبا. وقيل: أراد علمه بوجوه المكاسب والتجارات. وقيل: أراد إن الله أعطاني ذلك على علم له تعالى بحالي وباستئهالي لذلك.
وقوله عِنْدِي الأمر كذلك أي في اعتقادي وفي ظني فأجابه الله تعالى بقوله أَوَلَمْ يَعْلَمْ الآية. قال علماء المعاني: يجوز أن يكون المعنى بالاستفهام إثباتا لعلمه لأنه قد قرأ في التوراة أخبار الأمم السالفة والقرون الخالية وحفظها من موسى وغيره فكأنه قيل: إنه قد علم ذلك فلم اغتر بكثرة ماله وأعوانه؟ ويجوز أن يراد به نفي العلم لأنه لما تحدّى بكونه من أهل العلم حيث قال عَلى عِلْمٍ عِنْدِي وبخه الله تعالى أنه لم يعلم هذا العلم النافع حتى يقي به نفسه مصارع الهلكى. ووجه اتصال قوله وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ بما قبله أنه تعالى إذا عاقب المجرمين فلا حاجة إلى أن يسألهم عن كيفية ذنوبهم وكميتها لأنه عالم بكل المعلومات. وقال أبو مسلم: أراد أنهم لا يسألون سؤال استيقان وإنما يسألون سؤال تقريع ومحاسبة فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ عن الحسن: في الحمرة والصفرة. وقيل: خرج على بغلة شهباء عليه ثوب أحمر أرجواني، وعلى البغلة سرج من ذهب ومعه أربعة آلاف على زيه. وقيل: عليهم وعلى خيولهم الديباج الأحمر، وعن يمينه ثلاثمائة غلام، وعن يساره ثلاثمائة جارية بيض عليهن الحلي والثياب الفاخرة. وقيل: في تسعين ألفا عليهم الثياب