للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلابيب فتقتصر على واحد منها، أو أريد طرف من الجلباب الذي لها. وكانت النساء في أول الإسلام على عادتهن في الجاهلية متبذلات يبرزن في درع وخمار من غير فصل بين الحرة والأمة، فأمرن بلبس الأردية والملاحف وستر الرأس والوجوه ذلِكَ الإدناء أَدْنى وأقرب إلى أَنْ يُعْرَفْنَ أنهن حرائر أو أنهن لسن بزانيات فان التي سترت وجهها أولى بأن تستر عورتها فَلا يُؤْذَيْنَ لا هن ولا رجالهن أقاربهن لأن أكثر الإيذاء والطعن إنما يتفق من جهة نساء العشيرة إذا كن مرئيات فضلا عن كونهن مزينات وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً لما قد سلف رَحِيماً حين أرشدكم إلى هذا الأدب الجميل. ولما أوعدهم بعذاب الآخرة خوّفهم بعقاب الدنيا قائلا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ عن الإيذاء وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وهم الضعفة الإيمان أو الزناة وأهل الفجور وَالْمُرْجِفُونَ في مدينة الرسول وهم الخائضون في أخبار السوء من غير حقيقة، سمي بذلك لكونه خبرا متزلزلا غير ثابت من الرجفة وهي الزلزلة. روي أن ناسا كانوا إذا خرجت سرايا رسول الله يوقعون في الناس أنهم قتلوا أو هزموا وكانوا يقولون قد أتاكم العدوّ ونحو ذلك. ومعنى لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ لنسلطنك عليهم وهو مجاز من قولهم: أغريت الجارحة بالصيد. والمراد لنأمرنك بأن تفعل ما يضطرهم إلى الجلاء ثم لا يساكنونك في المدينة إلا زمنا قليلا ريثما يتأهبون فيرتحلون بأنفسهم وعيالهم. ومعنى «ثم» تراخي الرتبة كأنه يفعل بهم أفاعيل تسوءهم إلى أن يبلغ حد الاضطرار فيزعجهم، ويجوز أن يكون قَلِيلًا منصوب على الحال أيضا ومعناه لا يجاورونك إلا أقلاء أذلاء ملعونين. وفي قوله لا يُجاوِرُونَكَ عطف على جواب القسم كأنه قيل: إن لم ينتهوا لا يجاورونك سُنَّةَ اللَّهِ أي سنة الله في الدين ينافقون في الأنبياء أن يقتلوا حيثما ثقفوا. وقال مقاتل: أراد كما قتل وأسر أهل بدر وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي ليست هذه السنة مثل الحكم الذي يتبدل وينسخ فإن النسخ يكون في الأحكام لا في الأفعال والأخبار. ثم إن المشركين واليهود كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استهزاء وامتحانا فأمر نبيه أن يقول: إن ذلك العلم مما استأثر الله ولكنها قريبة الوقوع. ومعنى قَرِيباً شيئا قريبا أو يوما أو زمانا. ثم أوعدهم بما أعدّ لهم من عذاب السعير. ومعنى تقليب وجوههم تصريفها في الجهات كاللحم يدار على النار حين يشوى، أو تغييرها عن أحوالها، أو تحويلها عن هيآتها، أو نكسها على رؤوسها. والوجه عبارة عن الجملة وخص بالذكر لأنه أشرف وأكرم، وإذا كان الأشرف معرضا للعذاب فالأخس أولى.

ثم حكى أنهم يعترفون ويتمنون ولا ينفعهم شيء من ذلك ثم يطلبون بعض التشفي بالدعاء على من أضلهم. قوله ضِعْفَيْنِ أي ضعفا لضلالهم وضعفا لإضلالهم. من قرأ لَعْناً كَبِيراً بالباء الموحدة فالمراد أشد اللعن وأفظعه، ومن قرأ بالثاء المثلثة أراد تكثير عدد

<<  <  ج: ص:  >  >>