للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسند الإجرام وهو الصغائر والزلات أو هي مع الكبائر إلى أهل الإيمان، وعبر عن إجرام أهل الكفر بلفظ عام وهو العمل. وفيه إرشاد إلى المناظرات الجارية في العلوم وغيرها، وإذا قال أحد المناظرين للآخر: أنت مخطئ أغضبه وعند الغضب لا يبقى سداد الفكر، وعند اختلاله لا مطمع في الفهم فيفوت الغرض. ومعنى الفتح الحكم والفصل بين الفريقين بإدخال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وحين حث في الآية الأولى على وجوب النظر من حيث إن كل أحد يؤاخذ بجرمه ولو كان البريء أخذ بالمجرم لم يكن كذلك، أكد ذلك المعنى بالآية الثانية فإن مجرد الخطأ والضلال واجب الاجتناب فكيف إذا كان يوم عرض وحساب. وفي قوله الْعَلِيمُ إشارة إلى أن حكمه يكون مع العلم لا كحكم من يحكم بمجرد الغلبة والهوى. ولما بين أن غير الله لا يعبد لدفع الضر ولا لجلب النفع أراد أن يبين أن غير الله لا ينبغي أن يعبد لأجل استحقاق العبادة فإنه لا مستحق للعبادة إلا هو. ومعنى أَرُونِيَ وكان يعرفهم ويراهم الاستخفاف بهم والتنبيه على الخطأ العظيم في إلحاق الشركاء بالله أو أراد أعلموني بأي صفة ألحقتموهم بالله وجعلتموهم شركاء ف شُرَكاءَ نصب على الحال والعائد محذوف وكَلَّا ردع لهم عن مذهبهم بعد ما كسده بإبطال المقايسة وردّ الإلحاق. ثم زاد في توبيخهم بقوله بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ كأنه قال:

أين الذين ألحقتم به شركاء من هذه الصفات فإن الإله لا يمكن أن يخلو عن القدرة الكاملة والحكمة الشاملة. وهو يحتمل أن يكون ضمير الشأن. وحين فرغ من التوحيد شرع في الرسالة. ومعنى كَافَّةً عامة لأن الرسالة إذا شملتهم فقد منعتهم أن يخرج أحد منهم والكف المنع وكافة صفة لرسالة. وقال الزجاج: التاء للمبالغة كتاء الراوية والعلامة وإنه حال من الكاف أي أرسلناك جامعا للناس في الإبلاغ والتبشير والإنذار، أو مانعا للناس من الكفر والمعاصي. وبعض النحويين جعله حالا من الناس وزيف بأن حال المجرور لا يتقدم عليه. ومن هؤلاء من جعل اللام بمعنى «إلى» لأن أرسل يتعدى بإلى فضوعفت تخطئته بأن استعمال اللام بمعنى. «إلى» ضعيف، ولا يخفى أن ثاني مفعولي أَرْسَلْناكَ على غير هذا التفسير محذوف والتقدير: وما أرسلناك إلى الناس إلا كافة وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وذلك لا لخفائه ولكن لغفلتهم. وحين ذكر الرسالة بين الحشر وذكر أنهم استعجلوه تعنتا منهم فبين على طريق التهديد أنه لا استعجال فيه كما لا إمهال وهذا شأن كل أمر ذي بال.

قال جار الله مِيعادُ يَوْمٍ كقولك «سحق عمامة» في أن الإضافة للتبيين يؤيده قراءة من قرأ مِيعادُ يَوْمٍ بالرفع فيهما فأبدل منه اليوم. وفي إسناد الفعل إليهم بقوله لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ دون أن يقول لا يؤخر عنكم زيادة تأكيد لوقوع اليوم. ولما بين الأصول الثلاثة:

التوحيد والرسالة والحشر، ذكر أنهم كافرون بالكل قائلين لَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>