الخلود فَكَذَّبُوهُما النفس وصفاتها فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ من الجذبة إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لأن النفس وصفاتها لا يوافقهما ما يدعو الإلهام والجذبة إليه طائِرُكُمْ مَعَكُمْ لأن النفس خلقت من العدم على خاصيتها المشئومة رَجُلٌ يَسْعى هو الروح المشتاق إلى لقاء الحق لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً لأنه لا شرب له من مشاربكم. قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ وهي عالم الأرواح وهو كقوله يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ إلى قوله وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر: ٣٠] عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أي بعد رجوع الروح إلى الحضرة ما أنزل إلى النفس وصفاتها ملائكة من السماء لأنهم لا يقدرون على النفس وصفاتها وإصلاح حالها، فإن صلاحها في موتها والمميت هو الله. صَيْحَةً واحِدَةً من وارد حق فَإِذا هُمْ يعني النفس وصفاتها خامِدُونَ ميتون عن أنانيته بهويته أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا فيه إشارة إلى أن هذه الأمة خير الأمم شكى معهم من كل أمة وما شكى إلى أحد من غيرهم شكايتهم وَآيَةٌ لَهُمُ القلوب الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها بالطاعة ونخيل الأذكار وأعناب الأشواق وعيون الحكمة وثمر المكاشفات وعمل الخيرات والصدقات خَلَقَ الْأَزْواجَ من الآباء العلوية والأمهات السفلية مِمَّا تُنْبِتُ أرض البشرية بازدواج الكاف والنون. وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ بازدواج الروح والقلب وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ من تأثير العناية في قلوب المخلصين مما لا عين رأت ولا أذن سمعت وَآيَةٌ لَهُمُ ليل البشرية نَسْلَخُ مِنْهُ نهار الروحانية فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ بظلمة الخليقة فإن الله خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره. وشمس نور الله تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها وهو قلب استقر فيه رشاش نور الله وقمر القلب قَدَّرْناهُ ثمانية وعشرين منزلا على حسب حروف القرآن وأسماؤها:
الألفة والبر والتوبة والثبات والجمعية والحلم والخلوص والديانة والذلة والرأفة والزلفة والسلامة والشوق والصدق والصبر والطلب والظمأ والعشق والعزة والفتوة والقربة والكرم واللين والمروءة والنور والولاية والهداية واليقين. فإذا قطع كل المنازل فقد تخلق بخلق القرآن ولهذا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: ٩٠] وهو آخر المنازل والمقامات، فإن السالك يألف الحق أوّلا ثم يتوب فيثبت على ذلك حتى تحصل له الجمعية، وعلى هذا يعبر المقامات حتى يصير كاملا كالبدر، ثم يتناقص نوره بحسب دنوّه من شمس شهود الحق إلى أن يتلاشى ويخفى وهو مقام الفقر الحقيقي الذي افتخر به نبينا صلى الله عليه وسلم
بقوله «الفقر فخري» .
ثم أشار بقوله لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها إلى أن الرب لا يصير عبدا ولا العبد ربا. ثم ذكر أن العوام محمولون في سفينة الشريعة والخواص في بحر الحقيقة كلاهما بفلك العناية وملاحة أرباب الطريقة، ومثل ما يركبون هو جناح همة المشايخ. وَإِنْ نَشَأْ نغرق العوام في بحر الدنيا والرخص والخواص في بحر الشبهات والإباحة.