للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذلِكَ

بل اقتصر على كَذلِكَ لأنه سبق ذكر التأكيد في هذه القصة فلم يحتج إلى إعادته على أنه قد بقي من القصة شيء فناسب الاختصار في الاعتراض. قوله وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ من جعل الذبيح إسماعيل قال: وبشرناه بإسحاق بعد إسماعيل. ومن جعل الذبيح إسحق قال بشر بنبوّته وقد كان بشر بمولده. قوله نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ كل منهما حال مقدرة من الفاعل أي بشرناه به مقدرا وعالما وحاكما بأنه نبي صالح. وقد أطنب صاحب الكشاف في هذا المقام حيث بنى الكلام على أنه حال مقدرة من إسحق. وهو عندي تطويل بلا طائل فليتأمل. وَبارَكْنا عَلَيْهِ قيل: أي على الغلام المبشر به. وقيل: على إبراهيم: وَعَلى إِسْحاقَ أي أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا. ومن جملة ذلك ما

روي أنه أخرج من صلب إسحق ألف نبي أوّلهم يعقوب وآخرهم عيسى

وهم المشار إليهم بقوله وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ ويعلم من قوله وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ أن البر قد يلد الفاجر ولا عار على الأب، وأن الشرف بالحسب لا بالنسب. وأما قصة موسى فلا خفاء بها. والكرب العظيم تسلط فرعون وجفاؤه على قومه. وقيل: الغرق. والضمير في نَصَرْناهُمْ لهما ولقومهما. والمستبين البليغ في بيانه وهو التوراة بان وأبان واستبان بمعنى إلا أن الثالث أبلغ. والصراط المستقيم دين الله الذي اشترك في أصوله جميع الرسل. وأما إلياس فالجمهور على أنه نبي من بني إسرائيل بعث بعد موسى وكان من ولد هارون. وقيل:

هو إدريس النبي وقد مر ذكره في سورة مريم. و «إذا» ظرف ٣ لمحذوف أي اذكر يا محمد لقومك إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ الله. قال الكلبي: أي ألا تخافون عبادة غير الله. وحين خوّفهم مجملا ذكر سببه فقال أَتَدْعُونَ أي أتعبدون بَعْلًا وهو اسم صنم من ذهب كان ببعلبك من بلاد الشام طوله عشرون ذراعا وله أربعة أوجه فتنوا به وعظموه حتى أخدموه أربعمائة سادن وجعلوهم أنبياءه، فكان الشيطان يدخل في جوف بعل ويتكلم بشريعة الضلالة والسدنة يحفظونها ويعلمونها الناس. قال الإمام فخر الدين الرازي رضي الله عنه:

لو جوّزنا دخول الشيطان في جوف الصنم وتكلمه فيه لكان قادحا في كثير من المعجزات كحنين الجذع وكلام الجمل. قلت: هذا الوهم زائل بعد ثبوت النبوّة بمعجزات أخر.

وقيل: البعل الرب بلغة اليمن. والمعنى أتعبدون بعض البعول وتتركون عبادة أحسن الخالقين. ثم بين جزاء تكذيبهم أنهم محضرون في العذاب غدا. وباقي القصة ظاهر إلا قوله إلياسين فمن قرأ بالإضافة فعلى أن إدريس بن ياسين أي سلام على أهل ياسين. وقيل:

آل ياسين آل محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: يس اسم القرآن فكأنه قيل: سلام على من آمن بكتاب الله.

والوجه الأوّل هو أنسب الأقوال. ومن قرأ على صورة الجمع فقد قال الفراء: أراد به إلياس

<<  <  ج: ص:  >  >>