للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد المضيّ على الأمر. وقيل: امشوا واتركوا محمدا صلى الله عليه وسلم. وقيل: هي من مشت الماشية إذا كثر نسلها مشاء ومنه الماشية للتفاؤل. وفي تهذيب اللغة عن الأزهري: مشى الرجل إذا استغنى فيكون هذا دعاء لهم بالبركة إِنَّ هذا الأمر وهو استعلاء محمد صلى الله عليه وسلم لَشَيْءٌ يُرادُ أي حكم الله به فلا حيلة في دفعه ولا ينفع إلا الصبر أو إنه لشيء من نوائب الدهر أريد بنا فلا انفكاك لنا منه، أو إن دينكم لشيء يراد أن يؤخذ منكم. وقيل: إن عبادة الأصنام لشيء نريده ونحتاج إليه. وقيل: إن هذا الاستعلاء والترفع لشيء يريده كل أحد وكل ذي همة وقريب منه قول القفال: إن هذه كلمة تذكر للتحذير والتخويف معناها إنه ليس غرض محمد صلى الله عليه وسلم من هذا القول تقرير الدين ولكن غرضه أن يستولي علينا ويحكم في أموالنا وأولادنا بما يريد. ما سَمِعْنا بِهذا أي بقول محمد صلى الله عليه وسلم فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ فيما أدركنا عليه آباءنا أو في ملة عيسى التي هي آخر الملل، لأن النصارى مثلثة غير موحدة. قال جار الله: يجوز أن يكون التقدير ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة فيكون الظرف حالا من هذا لا متعلقا ب سَمِعْنا والمعنى أنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله. إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ كذب اختلقه من عنده. ثم أظهروا الحسد وما كان يغلي به صدورهم قائلين أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا وذلك أنهم ظنوا أن الشرف بالمال والجاه فقط نظيره في القمر أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا [القمر: ٢٥] إلا أنه استعمل هناك الإلقاء لأن أذكارهم كانت صحفا مكتوبة وألواحا مسطورة. وقدم الظرف هاهنا لشدّة العناية ولزيادة غيظهم وحمقهم فأجاب الله تعالى عن شبهتهم بقوله بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي أي من دلائلي التي لو نظروا فيها لزال الشك عنهم، فالقاطع لا يساوي المشكوك. وقيل: أراد أنهم لا يكذبونك ولكنهم جحدوا آياتي. ثم قال بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ أي لو ذاقوه لأقبلوا على أداء المأمورات والانتهاء عن المنهيات. وقيل: أراد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخوّفهم بالعذاب لو أصروا على الكفر. ثم إنهم أصروا ولم ينزل عليهم العذاب فصار ذلك سببا لشكهم في صدقه صلى الله عليه وسلم فلا جرم لا يزول ذلك الشك إلا بنزول العذاب. ثم أجاب عن شبهتهم بوجه آخر وهو قوله أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ والمراد أن النبوة من جملة النعمة المخزونة عنده يعطيها من يشاء من عباده. ثم خصص بعد التعميم قائلا أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما ولا ريب أن هذه الأشياء بعض خزائن الله وإذا كانوا عاجزين عن البعض فعن الكل أولى. ثم تهكم بهم بقوله فَلْيَرْتَقُوا أي فإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق وقسمة الرحمة فليصعدوا في المعارج والطرق التي يتوسل بها إلى المقصود. وقيل: أسباب السموات أبوابها والمعنى إن ادّعوا ملك السموات وأنهم يعلمون ما يجري فيها فليرتقوا إليها. قال بعض حكماء الإسلام: في الأسباب إشارة إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>