التصرف فيه. ويجوز أن يتعلق بالأمرين أي ليس عليك في ذلك حرج ولا تحاسب على ما تعطي وتمنع يوم القيامة. عن الحسن: أن الله لم يعط أحدا عطية إلا جعل عليه فيها حسابا سوى سليمان فإنه أعطاه عطية هنيئة إن أعطى أجر وإن لم يعط لم يكن عليه تبعة. ويحتمل أن يراد هذا التسخير تسخير الشياطين عطاؤنا فامنن على من شئت منهم بالإطلاق، أو أمسك من شئت منهم بالوثاق، فأنت في سعة من ذلك لا تحاسب في إطلاق من أطلقت وحبس من حبست وحين فرغ من تعداد النعم الدنيوية أردفه بما أنعم به عليه في الآخرة قائلا: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ كما في قصة داود وفيه أن ثوابه كفء ثواب أبيه كما أن سيرته سيرة أبيه.
التأويل بصاد صمديته في الأزل وصانعيته في الوسط وصبوريته إلى الأبد. أقسم بالقرآن ذي الذكر لأن القرآن قانون معالجات القلوب وأعظم مرض القلب من نسيان الله فأعظم علاجه ذكر الله. ثم أشار إلى انحراف مزاج الكفار بمرض نسيان الله من اللين والسلامة إلى الغلظ والقساوة، ومن التواضع إلى التكبر، ومن الوفاق إلى الخلاف، ومن التصديق إلى التكذيب، ومن التوحيد إلى تكثير الآلهة. وفي قوله وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إشارة إلى أن الكفار إذا تواصوا فيما بينهم بالصبر والثبات فالمؤمنون أولى بالثبات على قدم الصدق في طلب المحبوب الحقيقي إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ في الأزل من المقبول والمردود.
بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ لأنهم في النوم فإذا ماتوا انتبهوا وأحسوا بالألم فعاينوا الأمر حين لا ينفع العيان، ويزول الشك يوم لا يجدي البرهان. عَجِّلْ لَنا قِطَّنا النفوس الخبيثة تميل بطبعها إلى السفليات العاجلة كما أن النفوس الكريمة تميل بطبعها إلى العلويات الباقية، ولكل من الصنفين جذبة بالخاصية إلى شكله كجذب المغناطيس الحديد. لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً هن آثار فيوض الصفات الربانية بحسب الأسماء التسعة والتسعين، فلكل منها مظهر في عالم الملك والخلق وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ هو ذات الله وحده فَقالَ أَكْفِلْنِيها أي صيرني أجمع بين الله وبين ما سواه. ثم هاهنا أسرار كثيرة تفهمها إن شاء الله. وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ امتحناه بالجمع بين الدين والدنيا فَاسْتَغْفَرَ للحق رَبَّهُ راكِعاً وَأَنابَ إلى الله معرضا عما سواه. وهذا التأويل مما خطر ببالي أرجو أن يكون مضاهيا للحق: إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فيه أن الخلافة عطاء من الله وأنها مخصوصة بالإنسان خلق مستعدّا لها بالقوة، وفيه أن الجعلية تتعلق بعالم المعنى كما أن الخلقية تتعلق بعالم المعنى كما أن الخلقية تتعلق بعالم الصورة. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ [الأنعام:
١] فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا [فاطر: ١] ووجه الخلافة هو أن