للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت لباسا طويلا على امرأة قصيرة اللباس طويل واللابس قصير. ولو قلت: واللابسة قصيرة جئت بما هو أفضل. ومن قرأ بغير همزة الاستفهام فعلى حذفها أو على الإخبار بأن القران أعجمي والرسول أو المرسل إليه عربي، والغرض أنهم لعنادهم لا ينفكون عن المراء والاعتراض سواء كان القرآن عربيا أو أعجميا. وفيه إفحام لهم وجواب عن قولهم قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ فإن القرآن إذا كان بلغتهم وهم فصحاء وبلغاء فكيف لا يفهمونه إلا إذا كان هناك مانع إلهي ولذلك قال قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ لداء الجهل وَالَّذِينَ أي وللذين لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وهذا التقدير عند من يجوز العطف على عاملين، ومن لم يجوز زعم أن الرابط محذوف تقديره: والذين لا يؤمنون هو في آذانهم وقر أو في آذانهم منه. وقرأ والذين لا يؤمنون به إلخ. والحاصل أنهم لعدم انتفاعهم بالقرآن كأنهم صم عمي. ثم أكد هذا المعنى بقوله

أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فلهذا لا يسمعون النداء أي مثلهم كمثل الشخص الذي ينادي من بعد فلا يسمع، وإن سمع لم يفهم. ثم شبه حال القرآن بحال الكتب المتقدمة في أنها اختلف فيها كما اختلف فيه إلا أنه خص كتاب موسى بالذكر لكثرة أحكامه وعجيب قصته. والكلمة السابقة هي العدة بالقيامة وتأخر العذاب والقضاء بين المصدقين والمكذبين إلى وقتئذ. ثم ذكر أن جزاء كل أحد يختص به سواء كان له أو عليه وأن الله لا يظلم أحدا ثم كان لسائل أن يسأل: متى القيامة التي يتعلق بها الجزاء فقال إِلَيْهِ لا إلى غيره يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ أي إذا سأل عنها. قيل: لا يعلمها إلا هو. ثم عمم بعد هذا التخصيص وذكر مثالين يعرف منهما أن علم جميع الحوادث المستقبلة في أوقاتها المعينة ليس إلا له سبحانه. والكم بكسر الكاف وعاء الثمرة. ثم ذكر من أحوال القيامة طرفا آخر فقال وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي وهو نداء تهكم أو توبيخ كما مر مرارا قالُوا آذَنَّاكَ قال ابن عباس: أي أسمعناك من أذن بالكسر أذنا بالفتح إذا استمع. وقال الكلبي: أعلمناك قال الإمام فخر الدين الرازي: هو بعيد لأن أهل القيامة يعلمون أنه تعالى يعلم الأشياء علما واجبا، فالإعلام في حقه محال. قلت: لو أريد أظهرنا معلومك أين الاستبعاد؟ والمعنى ظهر وحصل في الواقع من جهة قولنا ما كان ثابتا في علمك القديم أنا سنقوله كقوله وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا [آل عمران: ١٤٢] أي لم يحصل بعد معلومه في الواقع وقد مر. وقولهم آذَنَّاكَ ماض في معنى المستقبل على عادة القرآن أو إنشاء للإيذان أو إخبار عما قيل لهم قبل ذلك فإنه يمكن أن يعاد عليهم هذا الاستفهام مرات لمزيد التوبيخ. ومعنى ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ليس منا من يشهد اليوم بأنهم شركاؤك لأنا عرفنا عيانا أنه لا شريك لك. أو هو كلام الشركاء أحياها الله وأنطقها فتبرأ مما

<<  <  ج: ص:  >  >>