القرآن أو الدين الْحَقُّ ووجه التبين أن هذا إخبار عن الغيب فإذا وقع مطابقا دل على صدق المخبر بل إعجازه. وواحد الآفاق أفق وهو الناحية من نواحي الأرض والسماء.
وعند المحققين الآيات الآفاقية هي الخارجة عن حقيقة الإنسان وبدنه كالأفلاك والكواكب والظلم والأنوار والعناصر والمواليد سواه. ولا ريب أن العجائب المودعة في هذه الأشياء مما لا نهاية لها، وإنما يوقف عليها حينا بعد حين. وقد أكثر الله تعالى من تقرير تلك الدلائل في القرآن، بعضها في السور المكيات وكثير منها في المدنيات، والآيات النفسية هي التي أودعها في تركيب الإنسان وفي ربط روحه العلوي ببدنه السفلي كقوله وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات: ٢١] وفي قوله سَنُرِيهِمْ دلالة على أن رؤية الأدلة إنما تكون بإراءة الله. قال جار الله: معنى قوله أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ هو أن هذه الآيات الموعودة تكفيهم دلالة على أن القرآن منزل من عالم الغيب المطلع على كل شيء. وقال حكماء الإسلام: أراد بقوله أَوَلَمْ يَكْفِ توبيخ من ليس له رتبة الاستدلال بنفس الوجود على واجب الوجود، فإن هذا هو طريقة الصديقين، وأما غيرهم فإنهم يستدلون بالممكن على الواجب فيفتقرون إلى النظر في الآفاق. وقال أهل المعرفة: النظر في الآفاق لأجل العوام والأنفس للخواص وقوله أَوَلَمْ يَكْفِ لخواص الخواص. وقيل: أو لم يكف الإنسان من الزاجر والرادع عن المعاصي كون الله شهيدا عليهم. وقيل: أراد أنه لا يخلف ما وعد لاطلاعه على الأشياء كلها. ثم ختم السورة بتوبيخ الشاكين في أمر البعث وبالنعي عليهم وأوعدهم بأنه عالم بكل شيء فيجازي كلا على حسب ما يستحقه والله أعلم.