يكون قول المؤمنين فيه أو في الدنيا. وجوز في الكشاف أن يكون ظرفا لقال. والنكير الإنكار أي ما لكم من مخلص ولا من قدرة أن تنكروا شيئا مما دوّن في صحائف أعمالكم أو مالكم من ينكر علينا حتى يغير شيئا من أحوالكم. ثم سلى نبيه بقوله فَإِنْ أَعْرَضُوا ثم ذكر سبب إصرارهم على عقائدهم الفاسدة وهو الضعف الذي جبل عليه الإنسان من البطر عند الغنى، والفراغ في زمن الصحة، والأمن في زمن الكفران، ونسيان نعم الله عند البلاء. وإنما جمع قوله وَإِنْ تُصِبْهُمْ لأن الإنسان جنس يشمل أهل الغفلة كلهم. وقوله فَإِنَّ الْإِنْسانَ من وضع الظاهر موضع الضمير وفائدته التسجيل على أن هذا الجنس من شأنه ذلك إلا إذا أدّب النفس وراضها. ثم بين كمال قدرته بقوله لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية. والمقصود أن الإنسان لا يغتر بما يملكه من الجاه والمال ولا يعتقد أنه حصل بجد أوجده فيعجب به ويعرض عن طاعة ربه. ثم ذكر من أقسام تصرفه في ملكه أنه يخص البعض من الحيوان بالأولاد الإناث، والبعض بالذكور، والبعض بالصنفين، والبعض يجعله عديم الولد. وقدم ذكر الإناث تطييبا لقلوب آبائهن أو لأنهن مكروهات عند العرب فناسب أن يقرن اللفظ الدال عليهن باللفظ الدال على البلاء. أو لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاء الإنسان فكان ذكر الإناث التي هي من جملة ما لا يشاء الإنسان أهم. وفيه نقل الإنسان من الغم إلى الفرح. ولا ريب أن هذا أولى من العكس. وفيه أن الإنسان إذا رضي بالأنثى فإذا أعطاه الذكر علم أنه فضل من الله. وفيه أن العجز كلما كان أتم كانت عناية الله بحاله أوفر. ثم أراد أن يتدارك تأخيرهم وهم أحقاء بالتقديم فعرف الذكور لأنه مع رعاية الفاصلة تنويه وتشهير كأنه قال: ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام.
ثم قال أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً فأعطى كلا الجنسين حقه. ونصبهما على الحال، والضمير للأولاد أو على المفعولية، والضمير لمن يشاء أي يجمع لهم كلا الصنفين سواء كانا متساويين في العدد أم لا. وقيل: معناه أن تلد ذكرا وأنثى في بطن واحد قاله ابن الحنفية. وعن ابن عباس أن الآية نزلت في الأنبياء، وهب لشعيب ولوط أناثا، ولإبراهيم عليه السلام ذكورا، ولمحمد صلى الله عليه وسلم ذكورا وهم القاسم والطاهر وعبد الله وإبراهيم، وإناثا هن فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم، وجعل يحيى وعيسى عقيما. والحق أن هذا التقسيم وإن كان مطابقا لحال هؤلاء الأنبياء إلا أن في التخصيص ضيق عطن. وإن صحت الرواية عن ابن عباس فالعبرة بعموم اللفظ والمعنى لا بخصوص السبب، وحمل بعض أهل التأويل الإناث على أمور الدنيا والذكور على أمور الآخرة، وتزويج الصنفين على الجامع بين الأمرين، والعقيم على